الحكومة تودع الخطة الخمسية وترسم بالبرنامج التنموي أحلاما طوباوية على الورق
دمشق..
كانت سوريا تعتمد في التخطيط قبل الحرب على الخطة الخمسية ووصلت إلى وضع اللمسات الأخيرة على خطتها الخمسية الحادية عشرة لكن ظروف الحرب حالت دون استكمال هذه الخطة.
وعملت الحكومة السورية على إعداد البرنامج الوطني التنموي لسوريا ما بعد الحرب ٢٠٣٠ اطلع عليه موقع “سونا نيوز” ويتضمن خمسة محاور ويتألف الإطار البرامجي من ١٢ برنامجاً إطارياً ويتوزع عن هذه البرامج ٩٠ برنامجاً رئيسياً ويتفرع عنها برامج فرعية ومشاريع واجراءات تنفيذية.
وتهدف هذه البرامج وفق ما خطط لها ودخلت مرحلة التنفيذ منذ عام ٢٠١٩ الخروج من تبعات الحرب في سوريا والأنظمة المرتبطة بها، والتحول إلى مجتمع حديث واقتصاد وطني قوي، وضمان التنفيذ للوصول إلى الأهداف المرجوة. لكن اليوم بعد أربع سنوات من إطلاق المشروع لم نشاهد هذه الاهداف ولا الاقتصاد القوي.
وبحسب مشروع تمويل البرنامج يصل مجمل النفقات إلى ما يقارب ٨٦ ترليون ليرة سورية خلال ٢٠١٩-٢٠٣٠، منها ما يقارب ٥٤ ترليون ليرة نفقات حكومية تتوزع بين النفقات الحكومة الجارية التي تبلغ ٤٤ ترليون ليرة، والنفقات الاستثمارية العامة التي تبلغ نحو ١٠ ترليون ليرة، ويمثل الاستثمار الخاص الجزء المتبقي من مجمل النفقات ويبلغ حوالي ٣٢ ترليون ليرة.
وهذه الارقام وضعت على الورق في الخطة. والسؤال هل هذه الارقام ما زالت صالحة مع موجة التضخم العالمية والمحلية التي تضرب سوريا، وهل مصادر التمويل ما زالت قادرة على الوفاء بتعهداتها، وهل الايرادات الاستثمارية تسير كما رسم لها، وهل نفقات القطاع الخاص على الاستثمار حققت الارقام المخطط لها.
وتتسم البرامج الـ ٩٠ بحسب ما ذكر البرنامج بالمرونة وقابلية التعديل والتطوير المستمر، واليوم بعد مضي ما يقارب ربع مدة التنفيذ أين يقف هذا المشروع، وأين البرامج الـ ٩٠ من واقع التنفيذ.
ولو أخذنا على سبيل المثال لا الحصر من هذه البرامج برنامج تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد الذي يهدف الى وضع استراتيجية متكاملة لتعزيز الشفافية ومكافحة الفساد والحد من وقوعه وبناء بيئة مؤسساتية تعي مخاطر الفساد وتسهم في مكافحته من خلال تطوير عمل الهيئات الرقابية وضمان استقلالها وتأهيل البنية التحتية وتحديث التشريعات، سنجد أن المخطط كلام لا غبار عليه لكن بعد مرور ربع المدة المحددة للتنفيذ ما زالت الخطة والبرنامج في إطار التمني والرغبة والطموح والتنفيذ على أرض الواقع لا شيء ملموس.
ولو تحدثنا عن برنامج اصلاح القطاع الاقتصادي الذي يهدف إلى معالجة مشكلات القطاع العام الاقتصادي على المستويين الاقتصادي والاداري وغيرها سنجد أن بناء القدرات لم يتم والإطار القانوني لم يتغير وتشخيص وضع الشركات والمؤسسات العامة لم يحل مشكلة الشركات الخاسرة، وما زلنا ندور في فلك الاجتماعات والخطط وترحيل معالجة قضايا العمالة والموارد البشرية.
وإذا تحدثنا عن المشاريع الصغيرة والمتوسطة مازال التمويل العقبة الأكبر مع التسويق في وجه أصحاب المشاريع واحداث المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لم يحدث، وما نشاهده من مشاريع فهي فردية وتعاني ما تعانيه من صعوبات العمل.
وحال البرامج الأخرى ليس أفضل حالا من البرامج المذكورة وخاصة برنامج تنظيم وتوجيه الأسواق الداخلية لضمان المنافسة، والحد من الاحتكار والتدابير الوقائية من الممارسات غير العادلة، بينما نجد أن الاسواق تغرق في الفوضى وتبتعد عن الجودة والمواصفة وتعاني من فلتان الأسعار ونظام الفوترة ما زال يدور في فلك التمني والرغبة.
اليوم بعد أربع سنوات على إطلاق هذا البرنامج فقط نود أن نذكر أن ما خطط له جميل جدا لكن ما نفذ منه اجتماعات وشعارات فقط، فهل هذا البرنامج ما زال صالحاً أم عاجزين عن التخطيط والتنبوء بما تخفيه الأيام القادمة من أحداث.