الخلاف في الحكومة على قضايا استراتيجية
بينما يبحث الاقتصاد السوري في عام 2024 عن معجزة توقف التدهور الذي تركه عام 2023 في التضخم وتكاليف المعيشة ، يطل علينا كبار المسؤولين عن الاقتصاد في الدولة ويتحفونا بالقول إن الخلاف لا يزال حتى اليوم قائما في المستويات العليا في الحكومة، وفي الشارع حول الاستراتيجيات ومستوى السياسات والأولويات، ومن أين نبدأ؟ وما هي السياسات التي يجب أن تكون في المقدمة؟ ومن أي قطاع نبدأ من الزراعة، أم من الصناعة، أم من التجارة ؟
ويرى مراقبون أن المكاشفة ومصارحة الشارع بالعجز والتخبط ومشاركة الناس تفكيرهم ورؤيتهم عمل جميل جدا لكن أن نكتشف بعد سنوات من الأزمة في سورية أن القائمين على أمر الاقتصاد يتخبطون ولا بوصلة لديهم على مستوى السياسات فهنا الطامة الكبرى.
اقرأ أيضا:لهذا السبب توتر رئيس الحكومة
فهمنا أن التدهور الاقتصادي المتسارع في سورية منذ عام 2019 سيوقف الدور الأبوي للدولة، وسيتم تحرير الدعم من محاوره 13 والذي حتما لايذهب لمستحقيه، وسيتوقف ضخ آلاف المليارات التي تذهب إلى سماسرة وتجار ومضاربين ولا تعود لخزينة الدولة، وهذا حق، لكن الاستيقاظ كان متأخرا والاستنزاف كبيرا، والوقوف والاعتراف بهذه المشكلة وفي نفس الوقت الاعتراف بعدم وجود سياسيات واتفاق حول التعاطي مع القطاعات الرئيسية وأولوية العمل فهنا الطامة الكبرى التي تبحث عن معجزة في عام 2024 لوضعنا على السكة الصحيحة.
وبالرغم من كل ما نعانيه من أزمات اقتصادية لا يزال الخلاف اليوم على دور الصناعي والتاجر والمزارع ودور الدولة واستثماراتها، وصناعتها التي كانت رائدة وتراجعت إلى حد التوقف، واليوم ما هو القرار المناسب لها هل ترك الكار للقطاع الخاص وطرح هذه المعامل للاستثمار وخاصة الصناعات الغذائية والدوائية أم ترك الصناعات المربحة للقطاع الخاص والالتفات الى الصناعات الضرورية ولا يلتفت إليها القطاع الخاص، وهي مشاريع خاسرة فعلى ما يبدو أن الخلاف هنا لم يصل لحل منطقي، والنقاشات تتم في الغرف الضيقة منذ سنوات، والغريب لماذا لا يتم الدعوة لمؤتمر اقتصادي تخصصي يجمع جميع وجهات النظر ووضعها على الطاولة قبل اتخاذا القرار الحاسم واللا عودة به، وليس التخبط كما حدث مع قرار إعادة ترتيب المنصة والذي ترك أثار سلبية على الاقتصاد السوري كونه فتح الباب وأغلقه دون دراسة أثاره أو منحه المزيد من الوقت للاستقرار أو لحصد نتائجه.
اقرأ أيضا:المغتربون السوريين يناشدون الحكومة
ومن الخلاف على الاستراتيجيات إلى الخلاف على دور الصناعي والتاجر ومحاولة كل طرف إلغاء دور الآخر، والخلاف على المنصة وقطع التصدير والوعي بالأسواق الخارجية، وموازنة الاحتياج الداخلي وغيرها الكثير من السياسات التي كانت بحاجة ماسة لتعديلها من دون وجود أزمة اقتصادية في البلد، وحتى مع وجود الكارثة الاقتصادية نرى أن الجميع يطالب وحتى رئيس الحكومة يقول “أعطوني الحل” الذي يؤكد على العجز الإداري في اتخاذ القرار، وهذه قمة الكارثة الاقتصادية التي تلم بالبلد وتزيد من معاناته.
العجز الإداري الذي تعاني منه الحكومة أسبابه معروفة للجميع وطريق الحل أيضا، والمكاشفة الاقتصادية تكشف المزيد من الأسرار، وإعلان مبررات إلغاء الدور الأبوي للدولة تكشف المزيد من حيتان السوق وسماسرة التهريب وكبار المضاربين على العملة. والسؤال هل سنكتفي بالشكوى وقلة الحيلة واتخاذ القرارات الارتجالية أم سيتم كشف الغطاء عن ناهبي أموال الدعم والدولة وإعادتها للخزينة أم هذا الامر يحتاج إلى معجزة أيضا..؟!!
خط أحمر
صفحة الفيس بوك:https://www.facebook.com/narampress/