الدروس الخصوصية استغلال للضرورة وبورصة الساعة تتجاوز 40 ألف ليرة
قبل 50 يوماً من بدء امتحانات شهادات التعليم الأساسي والإعدادية الشرعية والثانوية العامة بفروعها، والتي يقدر عدد الطلبة بحدود 920 ألف طالب وتلميذ،(بناء على أرقام العام الماضي)، انطلق ماراثون الدروس الخصوصية بسرعة فائقة، وبدأ الخوف يتسلل لدى بعض الطلبة والقلق لدى الأهالي الذين يحاولون دفع ما يمكن دفعه لتدارك النقص والتقصير في مستوى أولادهم لحجز مقاعد جامعية حكومية، والابتعاد عن الجامعات الخاصة، كون رسومها تكسر الضهر، وأصبحت خاصة بالفئات المخملية.
بورصة أسعار الدروس الخصوصية وصلت في العاصمة دمشق إلى أرقاما فلكية ولا تصدق، فمدرس الرياضيات القدير الذي يحضر إلى منزل طالب الثانوية ساعته ثمنها 42 ألف ليرة سورية، عدا ونقدا، أي أن كل دقيقة ثمنها 700 ليرة، والحسابة بتحسب، قد يشكك البعض في هذه الأرقام لكنها واقعية والبعض يطلب أكثر بالنسبة للساعة في المنزل، وبدوره المدرس يعتبر أن أجرة التكسي للوصول إلى منزل الطالب والعودة تكلفتها 20 ألف ليرة، وهو يضمن للطالب المجتهد علامة ممتازة كونه يعلمه مفاتيح الدراسة والحل، وخاصة في المواد العلمية واللغة، وطبعا هناك أسعار للساعة ب30 ألف، وب25 ألف، وب20 ألف ليرة، حسب الطالب والمنطقة وقدرة الأهالي على الدفع .
وفي عملية حسابية بسيطة أن سوق الدروس الخصوصية خلال 60 يوما القادمة حتى نهاية الامتحانات في أوج الاستثمار، وبورصة الساعة ترتفع إلى الاستحواذ على أعلى قيمة ممكنة من العوائد، وأن أجرة الدقيقة بالنسبة للمدرسين الجديرين تقدر بالذهب، واذا افترضنا ان 80 بالمئة من الطلاب تدفع أقل قيمة ممكنة مليون ليرة سنويا، وضربنا 700 الف طالب بمليون سيكون لدينا استثمار في الدروس الخصوصية بحدود 700 مليار ليرة سنويا، طبعا الرقم أكبر من ذلك بكثير، لكن هذا رقم تأشيري مهدور ولو تم استثماره بشكل صحيح في التربية هل تعلمون كيف ستصبح مدارسنا، تخيلو معنا هذا الرقم أمام الموازنة الاستثمارية لوزارة التربية والجهات التابعة لها للعام 2021 والمقدرة بـ 41 ملياراً و525 مليون ليرة سورية.
الجميع يعلم أن انخفاض مستوى المعلم في المدرسة من الأسباب الرئيسية التي تضطر الطالب للجوء إلى المعلم خارج المدرسة، والقناعة لدى الأهل أن بأن تلقي دروس خصوصية عن بُعد ليست مجدية لأبنائها لمن يقول أن الدروس موجودة على منصة الوزارة الالكترونية، وتشمل معلمين معتمدين من الوزارة وأن تلقي الدروس واقعياً (وجهاً لوجه) أكثر فائدة للطالب.
وفي تصريحات سابقة لوزير التربية حمّل بعض الأهالي المسؤولية بإعطاء أولادهم دروساً خصوصية وصف الدروس الخصوصية بأنها موضة يتباهى بها الأهل ناسيا أو متناسيا صعوبة المنهاج الذي يعاني منه الأساتذة قبل الطلاب، وخاصة سلسلة اللغة الانكليزية الحديثة، وادخالها الى صفوف متقدمة دون مراعاة السير بها منذ المراحل الدراسية الأولى، وغياب المنهاج عن الصفوف لفترات طويلة، وعدم انتظام وجود المدرسين في الصفوف بسبب غياب الاساتذة وخاصة في الشهادات، وترهل الكادر التعليمي ضمن الصفوف كون بعض المدرسين الذي يعتبر دقيقته لا تقدر بثمن وبمجرد وجوده ضمن الحصة الدرسية لمدة 45 دقيقة فهو يعطي بأكثر ممما يقبض ثمن راتبه، ومن يريد أن يتوسع بالمعرفة عليه اللجوء إلى الدروس الخصوصية.
الدروس الخصوصية تأخذ اليوم أشكالا متعددة، إما في المنازل اواساتذة تقوم بالاعلان عن مجموعات أو عبر المعاهد المرخصة، او الغرف العشوائية في مناطق المخالفات والريف، وفي جميع الحالات الدروس والمعرفة وزيادة المعارف الادراكية والاثرائية للطلاب أمر هام، والوصول إلى مستوى طلاب متقدم بعلامات مرتفعة أيضا أمر جيد، لكن أن نصل إلى حساب أجرة المدرسة بالدقيقة فهنا اسمحوا لنا بالقول أن الدروس الخصوصية تحولت إلى تجارة استغلال الضرورة .
جهينة نيوز