باريس دانت الفظائع بحق المدنيين وحذرت دمشق قبل استحقاقين هامين
وجهت باريس تحذيرات للسلطات السورية قبل استحقاقين مهمين الأثنين المقبل وتنفيذ الوعود التي أغدقتها للشعب السوري .
وتواجه السلطات السورية الانتقالية استحقاقين رئيسيين، الاثنين المقبل: الأول، اجتماع مجلس وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل، وبعد اليوم نفسه المؤتمر الدولي التاسع لدعم سوريا الذي يضم المانحين لسوريا، وسينظر في المساعدات التي ستقدم إليها في الأشهر المقبلة، فضلاً عن البدء في تناول ملف إعادة الإعمار.
تحذيرات باريس لدمشق
وتأمل دمشق الكثير من هذين الاجتماعين؛ ففيما يخص الأول، كان يفترض أن ينظر في رفع مزيد من العقوبات التي كانت مفروضة على سوريا زمن العهد السابق، وذلك استكمالاً للقرارات السابقة التي أقرت في اجتماع 24 فبرير (شباط) الماضي، والتي رفعت العقوبات عن قطاعات النفط والغاز والكهرباء والنقل. وكان من المرتقب أن تجمد العقوبات المفروضة على بعض المعاملات المالية. بيد أن التوتر الأمني الذي حصل نهاية الأسبوع الماضي غرب سوريا، أعاد الأمور خطوتين إلى الوراء.
وجاء لافتاً الإعلان الصادر عن الاتحاد الأوروبي، الأربعاء، والذي يفيد بأن النادي الأوروبي لم يوجه الدعوة للرئيس الانتقالي أحمد الشرع لحضور المؤتمر، فيما وجهت الدعوة لوزير الخارجية أسعد الشيباني الذي حضر أيضاً اجتماع باريس لدعم سوريا، الشهر الماضي. وبذلك تكون سوريا ممثلة رسمياً وللمرة الأولى في المؤتمر الذي جرت نسخته الأولى قبل تسع سنوات.
تحذير من العودة إلى الوراء
عندما اتخذ الوزراء الأوروبيون قرار الرفع الجزئي للعقوبات، حرصوا على تأكيد أنه لا يعني أبداً توفير «شيك على بياض» لدمشق، وأن التدابير المتخذة «يمكن التراجع عنها» وفقاً لأداء السلطات الجديدة. واليوم، ثمة شرط جديد يقرر مصير رفع العقوبات السابقة أو العقوبات الإضافية، وهو كيفية تعامل دمشق مع مرتكبي أحداث نهاية الأسبوع الماضي.
الفظائع المرتكبة ضد المدنيين على أساس طائفي
وصدر عن باريس، الأربعاء والخميس، موقفان واضحان في هذا الخصوص: الأول، عن الوزير المنتدب المكلف بشؤون الفرنكوفونية والتعاون الدولي، ثاني محمد الصليحي، الذي أعلن أمام مجلس الشيوخ، الأربعاء، أنه «من البديهي أننا لن نقبل برفع العقوبات مرة أخرى إذا لم تكن لدينا ضمانات أن الانتهاكات المرتكبة لن تمر دون عقاب».
اقرأ أيضا: الشبكة السورية لحقوق الإنسان تحمل مسؤولية الانتهاكات في الساحل السوري لهذا الطرف
وذهب الناطق باسم الخارجية الفرنسية كريستوف لوموان، الخميس، أبعد من ذلك؛ إذ اعتبر، في مؤتمر الوزارة الأسبوعي، أن «الفظائع التي وقعت خلال الأيام القليلة الماضية لا يمكن تحملها حقاً، ويجب العثور على المسؤولين عنها وإدانتهم».
وأضاف لوموان أن « فرنسا تدين بأشد العبارات الممكنة الفظائع المرتكبة ضد المدنيين على أساس طائفي، وهي غير مقبولة على الإطلاق، وموقفنا في هذا السياق لم يتغير. ويجب إدانة مرتكبيها والمسؤولين عنها». وشدد على أن ذلك يعد، بالنسبة لباريس، شرطاً لاستمرار العمل برفع العقوبات السابق، أو لرفع عقوبات إضافية عن سوريا.
وقال لوموان ما حرفيته: «اعتماداً على التطورات على الأرض، سننظر فيما إذا كنا سنقوم بتعليق العقوبات الاقتصادية ضد سوريا، مرة أخرى أم لا، وسنعارض على أي حال أي رفع آخر للعقوبات إذا مرت انتهاكات الأيام الأخيرة دون عقاب».
اقرأ أيضا: باريس تُزاحم أنقرة في سوريا
وحرص المسؤول الفرنسي على وضع الأمور في نصابها وسياقها؛ إذ شدد على أن «فرنسا تريد المساهمة في تعافي البلاد وإعادة إعمارها، في إطار مقاربة تدريجية قابلة للانعكاس تراعي التطورات على الأرض».
وقال الصليحي لأعضاء مجلس الشيوخ إن فرنسا «تدين جميع الانتهاكات ضد المدنيين أياً كانت طائفتهم، وأياً كان مرتكبوها، سواء كانوا جماعات تابعة لنظام بشار الأسد أو جماعات إرهابية»، مضيفاً: «لن يتمكن هذا البلد من استعادة استقراره وازدهاره، دون عملية سياسية تضمن أمن وحقوق كافة الطوائف».
علاقة بين حدين
ما زالت باريس تواكب عن قرب الملف السوري، وكانت أول دولة أوروبية ترسل وزير خارجيتها إلى دمشق التي زارها جان نويل بارو بصحبة نظيرته الألمانية أنالينا بيربوك.
وكشفت الخارجية، الخميس، عن أن باريس لعبت دوراً في الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين أحد الشرع ومظلوم عبدي، القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، وأن وزير خارجيتها جان نويل بارو اتصل بعبدي، كما اتصل، الثلاثاء، بنظيره السوري أسعد الشيباني، لإيصال مجموعة رسائل للطرفين.
وقال الصليحي إن «النتائج التي تم التوصل إليها مع الأكراد مشجعة للغاية، وكذلك الاتفاق الذي أعقبها (اتفاق الثلاثاء) مع الدروز».
وقالت الخارجية إن بارو أكد، في اتصاله مع عبدي، الحاجة للاتفاق الذي أبرم مع الشرع؛ «لضمان حقوق وأمن شركائنا الأكراد، وكذلك أهمية مواصلة الحرب ضد (داعش)».
ونوهت الخارجية الفرنسية، في السياق، بالإعلان عن النشر المرتقب لفريق تقني من المنظمة الدولية لحظر الأسلحة الكيميائية، والذي «من شأنه أن يتيح إحراز تقدم نحو القضاء على الأسلحة الكيميائية في سوريا».
وتتأرجح العلاقة الأوروبية – السورية بين حدين: الانخراط إلى جانب السلطات في دمشق من جهة، أو تجميد العلاقات معها وربما العودة خطوات إلى الوراء، من جهة أخرى.
ووفق مسؤول فرنسي، فإن الأمور منوطة بالسلطات الجديدة التي ينتظر منها الأوروبيون وغير الأوروبيين أن تنفذ الوعود التي أغدقتها ليس فقط على الداخل السوري بل أيضاً للخارج، بحيث لا تكون مصدراً لمزيد من انعدام الاستقرار في منطقة مهتزة أصلاً.
الشرق الأوسط
صفحة الفيس بوك:https://www.facebook.com/narampress?locale=ar_AR