بقاء أردوغان بالسلطة مصلحة إيرانية- روسية و دمشق لا تعتبر نفسها معنية بالانتخابات التركية
دمشق..
عادت التصريحات التركية الخاصة بالتقارب مع دمشق إلى الواجهة مجدداً، وخرج الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمس بتصريحات دعا فيها إلى حصول اجتماع سوري روسي تركي، مشيراً وللمرة الأولى إلى إمكانية انضمام إيران لهذا الاجتماع.
وقال في تصريحات نقلتها وكالة «الأناضول»: لتجتمع تركيا وروسيا وسورية ويمكن أن تنضم إيران أيضاً ولنعقد لقاءاتنا على هذا المنوال وقد حصلنا ونواصل الحصول على نتائج في هذا الصدد.
مصادر دبلوماسية عربية في أنقرة تواصلت معها «الوطن» تحدثت عن دعم يحظى به الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من قبل دول تُعتبر حليفة لدمشق وهي إيران وروسيا، على خلفية معلومات تفيد بأن المعارضة التركية والتي ستقدم مرشحها لمواجهة أردوغان تميل كلياً للغرب وتحديداً الولايات المتحدة.
المصادر لفتت إلى أن الميول الأطلسية المعلنة للمعارضة التركية تبدو أحد أهم الأسباب التي جعلت من حليفي دمشق بأن يكون لهم مصلحة بدعم بقاء أردوغان بالسلطة، وبالتالي دعم كل الخطوات التي ستسهم برفع نسب التصويت له في انتخابات تموز المرتقبة، والتي يقف فيها أردوغان ومعها السياسة التركية المقبلة على مفترق طرق.
وأشارت المصادر إلى أن انخراط موسكو في حربها بأوكرانيا وما تبعه من ضغوط غربية ومحاولة تطويق روسيا اقتصادياً، وتمكن أردوغان من الإيحاء بوقوف بلاده على الحياد تجاه هذه الحرب، جعل من أردوغان وحزبه حاجة روسية للبقاء في السلطة، من دون إغفال نجاحه أيضاً بالحفاظ على علاقة جيدة وممتدة مع طهران التي تعتبر وصول خصوم أردوغان الأطلسيين إلى سدة الحكم أمراً ليس في مصلحتها.
المصادر لفتت إلى القراءة الروسية-الإيرانية للحالة الداخلية التركية والتي تميل استطلاعات الرأي فيها إلى أن أغلبية الأتراك تؤيد إجراء حوار مع دمشق لحل المسائل العالقة بين البلدين، وعلى رأس أولوياتها مسألة الكيان الكردي على الحدود، وحل مشكلة اللاجئين السوريين والتي تحولت من ورقة بيد أردوغان لورقة بيد معارضيه، حيث شكلت هذه القراءة الدافع الأساسي لإعلان موسكو عن تبنيها الوساطة على خط دمشق-أنقرة والدفع نحو رفع مستوى الحوار بين البلدين من مستوى المباحثات الأمنية إلى مستوى إجراء حوارات مباشرة بين مسؤولي البلدين، وهو الأمر الذي جرى بالفعل عبر نجاح موسكو باستضافة اللقاء الثلاثي لوزراء دفاع سورية وتركيا وروسيا نهاية العام الفائت.
المصادر بينت أن الرغبة الروسية باتخاذ خطوات عملية تصب في صندوق انتخابات أردوغان، كان لابد لها أيضاً أن تأخذ بعين الاعتبار المصالح الإستراتيجية لحليفتها دمشق، والتي حرصت على إظهار موقفها من هذه الوساطة وبشكل واضح لجهة ربط أي تقدم في الحوار بانسحاب تركي من أراضيها ووقف دعم الجماعات الإرهابية وفقاً للمفهوم السوري وليس وفقا لمنظور أنقرة التي تربط الإرهاب بمنظمة الـ«بي كي كي»، وليس بالتنظيمات التي تدعمها أنقرة في شمال سورية ذات التوجهات القاعدية.
المصادر كشفت أن دمشق التي فوجئت بالتسريبات التي تحدثت عن تحديد منتصف الشهر الجاري كموعد للقاء الثلاثي الذي كان من المفترض أن يجمع وزراء خارجية سورية وتركيا وروسيا في موسكو، أعلنت رفضها عقد أي لقاء ما لم يكن مثمراً تجاه تلبية مطالبها، حيث لا تريد سورية أن يكون لقاء من أجل اللقاء والإعلام، الأمر الذي سيستثمر حتماً في الصراع الانتخابي الداخلي، مع الإشارة إلى أن دمشق الوفية لحليفيها الروسي والإيراني إلا أنها لا ترى نفسها معنية بالانتخابات التركية بقدر ما هي معنية بمصالحها العليا ومصلحة الشعب السوري.
ولفتت المصادر إلى المبادئ التي حددها الرئيس الأسد خلال استقباله مبعوث الرئيس الروسي ألكسندر لافرنتييف، الذي زار دمشق مؤخراً والذي ربط فيها نجاح أي جهود روسية بالثوابت الوطنية للدولة والشعب السوري والمبنية على إنهاء الاحتلال ووقف دعم الإرهاب. وهو ما أخذته موسكو في عين الاعتبار بالتأكيد، وشكلت بالضرورة قاعدة لمواصلة وساطتها المستمرة والتي يلعب عامل الزمن فيها دوراً حاسماً.
وأوضحت المصادر بأن دمشق لم تعطِ حتى الآن أي رأي فيما يخص الانتخابات التركية، ولم تعلن ميلها لأي طرف تركي، رغم أن المعارضة التركية أعلنت عن أوراقها الانتخابية الخاصة بسورية، وأكدت نيتها الدفع باتجاه الحوار معها، كما صرّح بعض قادتها عن نيتهم الدفع بتعويضات لدمشق على الضرر الذي ألحقته بها سياسة أردوغان، فيما طلب البعض الآخر من قادة المعارضة التركية لقاء الرئيس الأسد، وعملوا على الترويج عبر وسائل الإعلام التركية لهذه النيات، والتي تؤيدها حتى الآن جميع استطلاعات الرأي التركية.
ولفتت المصادر إلى أن صمت دمشق عن البُعد الانتخابي التركي في كل ما يجري، لا يعني عدم اهتمامها بما سيجري على حدودها الشمالية، وإنما يؤكد أن تركيز دمشق يبقى مُنصبّاً على سبل تحقيق مصالحها الوطنية بغض النظر عن بقاء أردوغان بالسلطة في مواجهة معارضيه، حتى لو وصفه البعض على أنه أفضل الخيارات السيئة.
الوطن