صدقيّة «رويترز» تحت حذاء إسرائيل
مرة أخرى، يبرهن الإعلام الغربي أنّه خادم يمين لسردية إسرائيل وممارساتها الوحشية بحق كل من يعرّي صورتها التي تعمل على تصديرها إلى العالم عبر جيوشها الإلكترونية ولوبياتها في المؤسسات والقنوات الغربية. «رويترز» قتلت المصوّر عصام عبدالله مرّة ثانيةً، حين تعامت عن قاتله يوم الجمعة، مصدرةً بياناً مخزياً بحق المهنة والإنسانية
«غطّى الدم الكاميرات. لم يعرف المصوّر أيها كاميرته. كنا في حالة ذهول، لكني بقيت محافظاً على رباطة جأشي». بهذه العبارة يتذكّر مسؤول النقل المباشر في قناة lbci روبير غصن في حديثه معنا، المشاهد الأولى لإنقاذ زملائه الصحافيين والمصوّرين الذين أصيبوا جراء استهداف العدو الإسرائيلي لهم مساء الجمعة الماضي في منطقة علما الشعب (جنوب لبنان)، ما أدى إلى استشهاد المصور عصام عبدالله وإصابة عدد منهم.
اقرأ أيضا:الاعلام الوطني ليس وجهة نظر ..
يقول لنا غصن: «مساء الجمعة الماضي، كان فريق قناة lbci متواجداً بسيارته في منطقة علما الشعب، وفي السيارة الثانية فريق صحافيي قناة «الجزيرة» و«وكالة فرانس برس» و«رويترز». كنا نعمل كمجموعات بحكم الصداقة التي تربطنا معاً.
كنتُ على بُعد أمتار قليلة من سيارة زملائي، أجهّز للرسالة التي سيبثها إدمون ساسين مباشرة على lbci، حين استهدف الجيش الإسرائيلي رفاقنا الذين كانوا خارج سيارتهم. ركضت بسرعة إلى وجهة زملائي، وجدتهم مصابين على الأرض. سحبت كريستينا عاصي المصورة الفوتوغرافية لدى وكالة «فرانس برس» من بين لهب النار. كما أنقذت مجموعة من المصورين قبل أن تندلع النار في المكان. كان المشهد مروعاً. رغم أني عايشت مشاهد مماثلة في حربَي نهر البارد وتموز، لكنها المرة الأولى التي أرى فيها لقطات بهذه القساوة». غصن الذي انضمّ إلى قناة lbci قبل أكثر من 20 عاماً، يشعر بغصة كبيرة، قائلاً «أنتظر أن تفي كريستينا بوعدها. لقد قلت لها إن كاميرتها ستبقى معي وسأزورها في منزلها لأسلّمها إليها باليد بعد شفائها. انتشلتها من بين النيران، وصرخت في وجهها بأنها لن تموت. ممنوع أن تموتي كريستينا قلت لها وأنتظرها لأسلمها الأمانة. وقد علمت اليوم أنّها قطعت مرحلة الخطر». إذاً، مرة جديدة، يستهدف العدو الإسرائيلي الجسم الإعلامي الذي يشكّل تهديداً حقيقياً بالنسبة إليه بنقله الحقيقة التي تعرّي الصورة الكاذبة التي دأب على صقلها عبر جيوشه الإلكترونية ولوبياته في الإعلام الغربي وبطشه بالرأي الآخر. المخزي كان بيان وكالة «رويترز» في موضوع استشهاد مصوّرها عصام عبدالله الذي قُتل مرتين. الأولى على يد العدو الإسرائيلي جراء صاروخ استهدفه ومجموعة من زملائه في منطقة علما الشعب، ومرة ثانية عندما امتنعت «رويترز» عن توجيه أصابع الاتهام لإسرائيل، على رغم أنّ لا لبس في الموضوع بوجود الفيديوات التي تظهر الاستهداف المباشر للصحافيين من إسرائيل.
اقرأ أيضا:الصراع الإعلامي يبلغ الذروة
بعد ساعات قليلة على إعلان استشهاد ابن الـ 36 عاماً، أصدرت «رويترز» بياناً مخزياً على صفحاتها الرسمية، قائلة إنّ «عبدالله مصور التلفزيون لديها قُتل أثناء نقله للأحداث في بث مباشر»، على حد تعبيرها. وأشارت إلى أن الكاميرا كانت موجهة إلى جانب إحدى التلال عندما هزها انفجار قوي وملأ الدخان الجو وسُمع صوت صرخات.
بيان «رويترز» كان مشيناً بحق فرد يعمل في طاقمها منذ 16 عاماً، قتل عمداً على يد العدو الإسرائيلي، بينما كان يقوم بمهامه في نقل الخبر من قلب الحدث، لتكون وكالة الأخبار العالمية شريكة في مقتله بعدما رفضت تسمية القاتل بالاسم، فيما اكتفى رئيس مجلس إدارة «فرانس برس» فابريس فريس بالقول إنّه «من الضروري بذل كل الجهود للتحقق من كيفية استهداف مجموعة من الصحافيين المحددين بوضوح والمعتمدين حسب الأصول بهذه الطريقة. نحضّ السلطات المعنية على عدم الاكتفاء بمجرّد الفحص، بل إجراء تحقيق معمّق وتقديم إجابات موثّقة بشكل جيّد وواضحة وشفافة».
لم تمرّ ساعات على بيان «رويترز» الأول الذي أثار موجة سخط على السوشال ميديا، حتى أصدرت بياناً ثانياً يفيد بأنّ «مراسلها عصام عبدالله قُتل في جنوب لبنان بصواريخ استهدفتهم من الجانب الإسرائيلي، مع إصابة ستة صحافيين آخرين». لم تحدد «رويترز» أن إسرائيل اقترفت الجريمة، بل حاولت التلطّي خلف بعض العبارات، مساهمةً في التضليل الذي يمارسه العدو الإسرائيلي، وفي التعمية على الحقيقة. لم تكن تغريدة مدير مكتب «رويترز» في العراق تيمو أزهري على منصة X، أشفى حالاً من بيان «رويترز»، إذ كتب «عصام عبدالله، مصور وكالة «رويترز» قتل عندما تعرض لقذيفة سقطت بالقرب منه مع مجموعة من الصحافيين في منطقة الحدود اللبنانية الجنوبية». هكذا يبرهن الإعلام الغربي مرة أخرى أنّ المهنية والصدقية وغيرهما من الشعارات التي يتشدّق بها ويقيم دورات تدريبية في منطقتنا لـ «تعليم الصحافيين أصول المهنة» كلّها عناوين تسقط تحت حذاء إسرائيل، وهو الخادم الأمين لسرديتها وممارساتها التي تناقض كل المعايير والمواثيق والشرائع الإنسانية.
الأخبار