صناعة البرمجيات لم تتطور لهذا السبب
دمشق..
أصبحت صناعة البرمجيات في كثير من دول العالم هي الصناعة الأساسية خاصة أنها لا تتطلب توفر رؤوس أموال مرتفعة، ويكفيها رأس المال المعرفي فقط وهذا متوفر جداً في سورية وتصدّر منه آلاف الخبرات سنوياً ومع ذلك لم تتطور صناعة البرمجيات في سورية، ومازالت تعمل بعقلية الدكاكين وسط غياب الاستثمارات الحكومية الكبيرة في هذا المجال، والدعم الحكومي لهذه الصناعة، وللمفارقة العجيبة أن المشاريع الحكومية البرمجية الكبرى تنفذ من شركات غير وطنية لكنها تضم كوادر سورية.
ووصل عدد الشركات البرمجية العاملة في سورية في عام 2020 وفق تقديرات وزارة الاتصالات والتقانة إلى 60 شركة دعتهم إلى الحصول على الاعتمادية الوطنية ومنحتهم مهلة 18 شهراً، بينما يرى أصحاب الشركات أنهم يعملون تحت ظل السجل التجاري والصناعي في سورية وسط غياب السجل التقني، وأن شركات البرمجة ليست بحاجة إلى المزيد من العقبات وأن المشاريع البرمجية الكبيرة تتم من دون معرفة أحد.
ويرى المهندس باقر زيدان العامل في شركة برمجيات خارجية أن سورية تفتقر إلى صناعة البرمجيات كخدمة SAAS وهي برمجيات تستخدم مباشرة، ولا تتطلب وجود فريق فني متخصص للصيانة والتشغيل ويمكن تطبيقها لتلبي كل الاحتياجات البرمجية لقطاع الأعمال والاقتصاد والتنمية الاجتماعية.
وأشار إلى أن هذه البرمجيات تتمتع بميزات ربط ودمج عمليات الأعمال كافة، وسهولة التهيئة والتخصيص ناهيك عن قابلية نقل البيانات بسرعة ومعالجتها بسهولة ويسر وتحليلها أيضاً، طبعاً كل ما سبق جزء من الحوسبة السحابية التي تتطلب سرعة اتصال جيدة وموثوقة.
من جهته، أكد عضو مجلس إدارة الجمعية السورية للمعلوماتية الدكتور كادان الجمعة في تصريح لصحيفة «الوطن» أن العقبة الأساسية أمام سوق البرمجيات في سورية عدم وجود استثمار جيد في هذه الصناعة، صحيح أن هناك بعض العقبات اللوجستية من البنى التحتية والشبكة والتجهيزات وصعوبة الحصول عليها، لكنها ليس العقبة الأساسية، وهناك خبرات جيدة بالآلاف تتخرج في الجامعات لا يتم الاستثمار بها بشكل صحيح، والسوريون يبدعون في الخارج ولديهم قدرات لكن لم نستطع تحريضها داخلياً من خلال منح أجور جيدة وطرح مشاريع استثمارية بمستويات كبيرة.
وقال الجمعة إن الاعتمادية التي يتحدثون عنها في البلد ليست كل شي والشركات ليست بحاجة إلى عراقيل إضافية، وليس الهدف المطلوب هو إضافة شركات قائمة على صناعة البرمجيات ولا يوجد أي استثمارات فيها.
وحول أهمية مشروع التحول الرقمي في سورية أكد الجمعة أنه من المشاريع المهمة جداً لكن لم نر أي قيمة له على أرض الواقع سوى التخطيط والتخطيط، ولا يوجد أي مشاركة للعاملين في هذا المجال في مشروع التحول الرقمي حتى في مرحلة التخطيط.
وأضاف الجمعة إنه حتى نبني صناعة كهذه علينا أولاً الاهتمام بالعامل الإنساني لأن الشخص هو أساس صناعة البرمجيات، ولأن المكان غير مهم كثيراً، وأدوات العمل عبارة عن حاسوب مرتبط بالإنترنت، والمشكلة هي في المنافسة الشديدة على الخدمات، وحتى نقوم بصناعة ناجحة محلية نسأل هل نحن قادرون على الاستثمار في هذه الصناعة؟
ولفت الجمعة إلى أن سوق البرمجيات يضم سلعة وبائعاً ومشترين ومكاناً لتبادل السلع، ووسيلة للحصول على السلع، والبدل النقدي، والمكان سلعة افتراضية وليس بالضرورة أن يجتمع البائع والشاري، وليس له حدود جغرافية على الفضاء الافتراضي، البائع والشاري قد يكونان في مكانين مختلفين، والمنافسة ليست محلية بل عالمية، ونعاني في بلدنا نقص الطلب بسبب قلة الموارد والمشكلة الأساسية في سوق البرمجيات أن المشترين غير مستعدين لدفع ثمن الخدمة الحقيقي.
وأشار الجمعة إلى أن الطلب كبير جداً على هذه المنتجات والقطاع العام في سورية لا يقدر ثمن هذه الخدمة ولا يخصص الموارد الكافية للاستثمار في هذه الصناعة.
وأرجع الجمعة سبب إدراج هذه الصناعة ضمن اقتصادات الظل لأن العمل فيها غير موجه إلى الداخل ويحدث مع كيانات خارجية من دون المرور بأي مؤسسة داخلية، وأهمية هذا النوع من الأعمال أنه يضم منتجات عالية المستوى وغالية لأنها نتاج فكر وليس لها ثمن محدد أو مرتبط بتكلفة الاستثمار بها وهو استثمار مجد جداً والمنافسة عالمية.