عمر السوق السوداء طويل جداً والاسعار أصبحت مهينة للفقراء
دمشق…
ارتفعت أسعار المواد الأساسية المدعومة في السوق السوداء إلى مستويات قياسية جديدة، وتجاوزت العتبة السعرية المقبولة، حيث تجاوز سعر أسطوانة الغاز راتب الأستاذ الجامعي، وارتفع سعر بيدون المازوت إلى 100 ألف ليرة، وسعر تنكة البنزين إلى 90 ألف ليرة، وليتر الزيت النباتي يواصل صعوده ويتفاوت سعره إن وجد بين سوق وآخر.
ويرى اقتصاديون في تصريحهم لصحيفة «الوطن» أن عمر السوق السوداء طويل جداً بسبب الأرباح الكبيرة التي يجنيها المتعاملون به، وحجم السوق في سورية ليس قليلاً، ويشكل اقتصاداً موازياً، والأرقام الصحيحة غير متوافرة، وانتشار الأسواق السوداء يكون بكثافة في الدول التي تبنت نظام الاقتصاد الموجه، والتي تقيد الحريات الاقتصادية والتجارة مع الخارج.
وحسب بيانات وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية التي اطلعت عليها «الوطن» فإن الإجراءات التي قامت بها لتخفيف فاتورة المستوردات كانت بغية حماية المنتج المحلي، حيث تم تخفيف فاتورة المستوردات في عام2021 بنسبة80 بالمئة عن عام 2010، وانخفضت قيمة المستوردات من 17.5 مليار يورو في عام 2010، إلى 4مليارات في عام 2021، والتخفيض كان من حساب المواد الكمالية حسب بيانات الوزارة.
الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق الدكتور إبراهيم العدي قال في تصريح لـ«الوطن»: إن السبب الأساسي لانتشار السوق السوداء وجود سعرين أو أكثر للمادة، ووزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك عاجزة عن مراقبة الأسواق وضبطها، وخاصة في حالة وجود سلعة نادرة، أو قليلة في الأسواق.
واعتبر العدي أن حال السوق السوداء اليوم كارثي، والفلتان الاقتصادي الموجود ضمن الأسواق سيئ، ويسيء لكرامة المواطن داعياً الحكومة لإيجاد مخرج لهذا الفلتان، والحل موجود ولدى أساتذة الجامعات آراء لا أحد يأخذ بها.
وأشار العدي إلى أن السبب الأساسي لنشاط السوق السوداء هو النقص في العرض، والتدخل القاسي من قبل الحكومة، والوعود بتوزيع ليتر واحد من الزيت ليس حلاً، لافتاً إلى أن قرارات اللجنة الاقتصادية لإدارة الأزمة غير صائبة.
وحول المتضرر الأكبر من تقييد المستوردات التي تقوم به وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية، بين العدي أن منع الاستيراد تتضرر منه الطبقة الفقيرة أكثر من الطبقة الغنية، لكون الأغنياء يستطيعون الحصول على ما يريدون بطريقة مشروعة أو غير مشروعة، والمثال على ذلك في حالة احتكار استيراد الزيت دفع الثمن الفقراء، حيث وصل سعر الليتر اليوم إلى 15 ألف ليرة، وجميع الدراسات الاقتصادية تقول إن ليتر الزيت لا يكلف ربع المبلغ المباع به في الأسواق اليوم، ولو أن الاستيراد مفتوح لم يصل إلى هذا السعر.
وأكد الأستاذ في جامعة دمشق أن الأسواق السوداء ستبقى موجودة ما دام يوجد أكثر من سعر للمادة ووجود سعرين رسميين، وما دام دور وزارة التموين محدوداً جداً وغير فعال، وما يهمنا حالياً توفير المواد التموينية الأساسية واستيراد المواد التي لا يوجد إنتاج محلي منها وغير متوافرة في الأسواق وعليها طلب، معتبراً أن انعكاس ارتفاع سعر الصرف على السلع أخف بكثير من انعكاس السوق السوداء التي رفعت سعر السلع ثلاثة أضعاف سعرها المنطقي من دون أي مبرر.
وحول تأثير العمليات العسكرية في أوكرانيا على توسع نشاط السوق السوداء، بين العدي أن التأثير كان في سورية أكثر من الدول الأخرى، بسبب غياب الرقابة، والحل الوحيد لمكافحة السوق السوداء هو السماح للتجار باستيراد البضائع التي تعجز الحكومة و«السورية للتجارة» من تأمينها. داعياً إلى وقف هذا الوضع المهين في السوق السوداء وخاصة لذوي أصحاب الدخل المحدود، وقال: جميع الحسابات لم تعد قادرة على ضبط فاتورة منزل صغير.