قمّة طهران توصلت إلى هذه التفاهمات
طهرن..
انتهت القمة الروسية – التركية – الإيرانية في طهران، والتي تخللها لقاءات ثنائية عديدة بين قادة الدولة المشاركة في القمة، في الوقت الذي تشير فيه التقديرات إلى أن هذه القمة قد تمهد لتفاهمات يمكن أن تظهر تأثيراتها خلال الفترة اللاحقة.
أكد البيان الختامي على استمرار التعاون فيما بينهم على العديد من الأصعدة، وأعاد طرح العناوين العريضة المتعلقة بالحفاظ على الاستقرار في المنطقة ومكافحة “الإرهاب”، وبخصوص سوريا فسبق أن أشارت التوقعات إلى أن هذه القمة قد تحسم ملف العملية التركية شمالاً، فيما أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على ضرورة حل المشاكل السورية بالحوار، دون أن يعلن صراحة عن موقفه النهائي من العملية التي ينوي شنها شمالاً، فيما أشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلى وجود اختلافات طفيفة في المواقف بين روسيا وتركيا وإيران تجاه سوريا، رغم إجماعها على أهمية العملية الدستورية، ومكافحة “الإرهاب” في سوريا، مشدداً في الوقت ذاته على أن القمة أكدت على أهمية محاربة أي تحرك انفصالي، وضرورة عودة جميع المناطق إلى سيادة سوريا.
التقارير المتداولة حول هذه القمة سلّطت الضوء على خلفياتها وتوقيت حدوثها وغيرها من التفاصيل، حيث أفادت صحيفة “الشرق الأوسط” بأن “تأكيد الرغبة الروسية في تعزيز التعاون طويل الأمد في المجالات المختلفة، كان متعمداً في ظل السجالات القائمة حالياً في الغرب حول السياسات الإيرانية والتهديدات الإسرائيلية المتواصلة لطهران”، مستدلة في تحليليها إلى تصريح الناطق باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، الذي قال فيه: “إن التعاون مع إيران هو سياسة طويلة الأمد، وليس طارئاً عرضياً”، وبدوره قال نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف: “إن طهران تعد شريكاً موثوقاً لموسكو، وتعتزم روسيا زيادة التعاون معها، وتوحيد الجهود لمواجهة الضغوط الخارجية”، مضيفاً: “نحن نرى في إيران شريكاً يمكن الوثوق به، ويتشابه معنا في التفكير في سياق التغيرات العالمية المرتبطة بتشكيل نظام عالمي متعدد الأقطاب ومحاولات الغرب الجماعي لمقاومة هذه العملية الموضوعية بكل الوسائل”.
فيما لفتت صحيفة “فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ” الألمانية إلى أنه وسط تأكيدات روسية على أن سوريا ستكون محور هذه القمة إلا أنها ليست الملف الوحيد الذي سيتم نقاشه، حيث قالت: “لن تكون سوريا الموضوع الوحيد في القمة، وربما ليست الموضوع الأكثر أهمية” كما نقلت قناة “DW” عن مسؤول إيراني لم تذكر اسمه قوله: “بالنظر إلى العلاقات الجيوسياسية المتطورة بعد حرب أوكرانيا، تحاول المؤسسة تأمين دعم موسكو في مواجهة طهران مع واشنطن وحلفائها الإقليميين”.
كما اهتم الإعلام العبري بهذه الزيارة، لا سيما بعد التقديرات التي أشارت إلى تخوفات من اتخاذ روسيا موقفاً حاسماً من الغارات “الإسرائيلية” على سوريا، حيث سبق أن أشار أستاذ دراسات الشرق في جامعة “تل أبيب”، إيال زيسر، عقب انتهاء زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، إلى الشرق الأوسط إلى أنه: “سيتبين أن بايدن لم يحقق حلف دفاع جوي حيال إيران خلال زيارته، لكنه نجح في أن يقرب بين روسيا وطهران، خطوة ثمنها ستدفعه إسرائيل بتقييد حرية عملها في سوريا”، وفقاً لما نقلته صحيفة “إسرائيل اليوم” العبرية، وبعد انتهاء قمة طهران نشرت “تايمز أوف إسرائيل” العبرية مقالاً قالت فيه: “لهذا التجمع معنى رمزي بالنسبة لجمهور بوتين المحلي أيضاً، حيث يُظهر النفوذ الدولي لروسيا حتى في الوقت الذي تزداد فيه العزلة وتغوص بشكل أعمق في المواجهة مع الغرب، ويأتي ذلك بعد أيام فقط من زيارة بايدن لإسرائيل والسعودية – الخصمين الأساسيين لطهران، ومن القدس وجدة، التي حث بايدن، خلالها إسرائيل والدول العربية على التراجع عن النفوذ الروسي والصيني والإيراني الذي توسع مع تصور انسحاب أمريكا من المنطقة”، مشيرة إلى أن احتفاظ “إسرائيل” بعلاقات جيدة مع روسيا أمر ضرورة بالنسبة لها بسبب الوجود العسكري الذي تحتفظ فيه روسيا في سوريا.
يشار إلى أنه بعد انتهاء هذه القمة، من المفترض أن يعقد اليوم الأربعاء، وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، لقاءً مع نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، في العاصمة الإيرانية طهران، كما لفت أمس نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، إلى أنه بعد هذه القمة قد تجري اتصالات بالرئيس بشار الأسد.