نظام التغذية وخسارة الوزن الزائد بين حمية الدهون و حمية الكربوهيدرات و حمية البحر المتوسط
مع الكثير من طرق الحمية المتوافرة والتي ينصح بها الأطباء وأخصائيو التغذية، تبرز الحمية منخفضة الدهون والحمية منخفضة الكربوهيدرات باعتبارهما أكثر الطرق اتباعاً بين من يفضل خسارة الوزن عن طريق اتباع نظام غذائي معين. إلا أن دراسة منشورة على موقع جمعة هارفرد أضافت إلى الحميتين السابقتين حمية ثالثة هي حمية البحر الأبيض المتوسط التي تقوم على الاعتدال والتوازن في استهلاك كل من الدهون والكربوهيدرات والإكثار من الخضروات والفواكه.
تشير آخر الإحصاءات إلى تراجع شعبية حمية الدهون التي تعتمد على التقليل من استهلاك الدهون، باعتبار أن الدهون يحتوي على تسع حريرات لكل غرام في حين أن الكربوهيدرات تحتوي على أربع حريرات فقط. وبناء على هذه الحميه يمكن نظرياً استهلاك ضعف كمية الأطعمة التي تتضمن الكربوهيدرات مقارنة بالأغذية التي تحتوي على الدهون. ولكن هذا ليس واقع الحال للأسف، إذ أن العديد من الدراسات البحثية أفضت إلى أن هذه الحمية لا تؤدي إلى سرعة فقدان الوزن وذلك لأن الكربوهيدرات سريعة الهضم والامتصاص والمعالجة مقارنة بالدهون التي تحتاج إلى مراحل أكثر تقيداً وزمن أطول لكي يتمكن الجسم من امتصاصها.
والجدير بالذكر أن تناول الكربوهيدرات – كالخبز الأبيض والأرز الأبيض – يزيد من سرعة نسبة السكر في الدم ، مما يؤدي إلى تدفق الأنسولين من البنكرياس، الامر الذي يؤدي إلى انخفاض نسبة السكر في الدم بسرعة ، مما يسبب الجوع. يدعي مؤيدو الكربوهيدرات المنخفضة أن الأشخاص الذين يتناولون الكثير من الكربوهيدرات يحصلون على سعرات حرارية إضافية ويمكن أن تزداد أوزانهم نتيجة ذلك. من المفترض أن يمنع الحد من الكربوهيدرات لصالح البروتين والدهون من زيادة الأنسولين ويجعلك تشعر بالشبع لفترة أطول. وهذا ما قد تقدمه الحمية التي تقوم على التقليل من الكربوهيدرات دون الدهون التي تتميز بسرعة فقدان الوزن. إذ أن الجسم يقوم بتصريف مخازن احتياطية للكربوهيدرات الخاصة به من الكبد والأنسجة العضلية وذلك بغية تعويض نقص الكربوهيدرات في النظام الغذائي مما يؤدي إلى زيادة سريعة في الوزن بفترة قصيرة لا تتعدى بضعة أسابيع، إلا أن وتيرة نقص الوزن ستتباطأ تدريجياً بعد الفترة الأولى وذلك يعود بحسب دراسة لجامعة هارفرد إلى أن نسبة الماء المفقودة عالية في الفترة الأولى من هذا النمط من الحمية.
أحد الأبحاث الأخيرة في جامعة ستانفورد الأميركية لدراسة الفرق بين تأثير الحميتين (حمية الدهون المنخفضة و حمية الكربوهيدرات المنخفضة) والتي تم نشر نتائجها في مجلة نقابة الأطباء الأميركية Journal of the American Medical Association أفضت نتائجها إلى أن الأشخاص الذين ركزوا في وجباتهم على الخضراوات وكان استهلاكهم من المشروبات الغازية ومن الأطعمة المعلبة الجاهزة خسروا أكثر وزناً من غيرهم.
والجدير بالذكر أن جمعية القلب الاميركية تحذر الناس من اتباع نظام الحمية الغذائية التي تحتوي على نسبة عالية جدًا من الدهون المشبعة والبروتين ، والتي يمكن أن تكون قاسية على القلب والكلى والعظام. كما أن نقص الفواكه والخضروات الغنية بالكربوهيدرات أمر مثير للقلق، لأن تناول هذه الأطعمة يميل إلى تقليل خطر الإصابة بالسكتة الدماغية والخرف وبعض أنواع السرطان. ومع ذلك ، إن حصول الجسم على حاجته من الكربوهيدرات من الخضروات والفواكه مع التركيز على تناول الدهون الصحية بشكل أساسي ، سيمكن هذا النوع من الحمية ونظامها الغذائي من العمل على المدى الطويل.
أما نمط البحر الأبيض المتوسط الذي يقوم على تناول كمية معتدلة من الدهون الصحية حصراً (كالدهون الأحادية غير المشبعة الموجودة في زيت الزيتون والدهون المتعددة غير المشبعة الموجودة في الأسماك) والكربوهيدرات إلى جانب كمية إضافية من الفواكه والخضروات. تميل الكربوهيدرات في الأنظمة الغذائية المتوسطية أن تكون من مصادر غير مكررة وغنية بالألياف مثل القمح الكامل والفاصوليا. إن الأنظمة الغذائية المتوسطية غنية أيضًا بالفواكه والخضروات والمكسرات والبذور والأسماك ، مع كميات متواضعة من اللحوم والأجبان. يجب الانتباه إلى أن الدهون المشبعة والدهون المتحولة المعالجة كالسمون الحيوانية غير محبذة أبداً وكثير من الدراسات توصي بتجنبها كلياً.
وتبعاً لجمعية أمراض القلب الأميركية، إن الأشخاص الذين يعيشون في دول البحر الأبيض المتوسط عموماً يتمتعون بأقل معدل لأمراض القلب مقارنة بباقي دول العالم، وأن نمط حياتهم التقليدي الذي يقوم على القيام بالكثير من الأنشطة البدينة والغذاء الصحي المتوازن يساعد في على التقليل من مخاطر القلب والأوعية الدموية وتطور داء السكري.
تتباين نتائج الدراسات وتتفاوت التوصيات بين من يرى أن حمية الدهون أسرع وبين من يرى حمية الحر المتوسط هي الأفضل لإنقاص الوزن على المدى البعيد، وحقيقة أن أغلب الدراسات تفيد بأن لكل منهما إيجابيات وسيئات وأن الطبيعة الهرمونية والعمر والجنس والوضع الصحي والنفسي للشخص هو ما يجعل الإجابة ليست بهذه السهولة وتحتاج إلى أخصائي تغذية مطلع على حالة الشخص ليتسنى له بناء على اختبارات معينة من أن ينصح باتباع طريقة دون سواها. ومن نافل القول أن أغلب الدراسات تتفق على أن التنوع في الاعتماد على الخضروات والفواكه بشكل يومي هي من العادات الصحية الجيدة لنظام غذائي متزن وفيما يتعلق بنط الحمية الواجب اتباعه تبقى استشارة الطبيب أو خبير التغذية وإشرافه على نوع الحمية التي يمكن أن يتبعها الشخص هي التوصية التي تجمع عليها أغلب الأبحاث التي تغطي أبحاث التغذية. سيكون لنا وقفة مع خبير تغذية للإضاءة على هذا الامر و الإجابة على أسئلتكم التي تودون طرحها.