“من أين لك هذا” ولد من أربعة عقود وما زال في اليم
دمشق..
“ناقش مجلس الوزراء في جلسته الأسبوعية الماضية نتائج أعمال لجنة متابعة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، والصعوبات التي تعترض التنفيذ ومقترحات المعالجة، يالطيف على هذا العنوان، وكأن الوزراء 29 مع رئيس الحكومة سيبتون بملفات فساد عالقة منذ طرح شعار “من أين لك هذا” قبل أربعة عقود من اليوم، وسيعمل المجلس على خطة لاسترجاع أموال الدولة، ومصادرة الفلل والمزارع الخاصة التي نهبها المتنفذين في الدولة، منهم من رحل الى دنيا الحق ومنهم ما زال يصارع على ابواب الرحيل .
مظاهر البذخ والسخاء للمسؤولين في سورية في تزايد مستمر، ان كان في نوعية السيارات التي يركبونها أولادهم، أو بالفيلات والقصور، أو من خلال جلساتهم وتجارتهم المشبوهة والصفقات التي تعمر هنا وهناك، واذا افترضنا جدلا أن الحكومة جادة -ولو انني اشك بذلك لأسباب كثيرة- لم تكن مضطرة الى تشكيل اللجان ، وعقد الاجتماعات واطلاق التصريحات عن نيتها مكافحة الفساد كانت بكل بساطة تذهب الى اصحاب الفيلات والمزارع من المسؤولين السابقين والقائمين والاثرياء الجدد، وتجار الأزمات ورجال الحرب والصفقات، وتطبق عليهم القانون الرحيم “من أين لك هذا” وتضع يدها على هذه الاملاك وتبيعها وتوزعها للشعب الفقير وعندها سنقول للحكومة آمين انك حقا تحاربين الفساد.
اما العمل وفق الفورات الاعلامية والاجتماعات الخلبية والتسويف وتشكيل اللجان وتقاذف الاتهامات وسط تنامي الفساد وانتشاره بسرعة البرق، فذلك لا يوجد توصيف دقيق يليق بالعمل الحكومي والكذب المستمر على المواطن السوري منذ اربعة عقود مضت على طرح الشعار الكبير “من أين لك هذا “
هذا من فضل ربي عبارة يكتبها الفاسدون على عتبات مداخل مشاريعهم وفللهم السكنية ومزارعهم وكأنهم يبعثون برسالة وجواب مسبق الى من يفكر بالسؤال من أين أموالكم ، وهذا لم يتم لولا الحماية من حيتان المال وكبار المسؤولين في الدولة مع كل حقبة جديدة من فاسدين جدد، فكيف سيقوم المسؤولين اليوم في الحكومة الحالية من طرح من اين لك هذا، والبعض منهم لديه ارتباطات مباشرة أو غير مباشرة مع حيتان المال، أو بالأحرى تم ترشيحهم من قبل الحيتان ويتصدرون مناسباتهم الخاصة والعامة ويرعون مصالحهم .
بالمختصر المفيد أن مكافحة الفساد في سورية اليوم غير ممكنة في هذه الأجواء المنتشرة من السرقة علننا والتزوير علننا وتأجير السلطة الرابعة للتغطية على مرتكباتهم المقيتة علننا ولا يوجد أجواء أو بالأحرى بيئة مناسبة لمكافحة الفساد فما بالكم بطرح شعار ” من أين لك هذا”، وتوزيع الاملاك على الفقراء يالطيف انها فكرة رائعة وتحظى بالقبول الشعبي لكن من لديه الجرأة على طرحها أو الاقتراب منها.
A2Zsyria