“هيئة العدالة الانتقالية السورية”: فرصة ضائعة لعدالة تُركز على الضحايا
في 17 مايو/أيار، أعلنت السلطات الانتقالية السورية عن مرسومَيْن رئاسيَيْن يُنشئان هيئتين حكوميتين جديدتين: “الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية” و”الهيئة الوطنية للمفقودين”. يُمكن لهاتين الهيئتين أن تمثلا نقطة تحوّل في كشف ما لحق بسوريا من فظائع وتحقيق المساءلة حيالها. إلا أن صلاحيات هيئة العدالة الانتقالية، وفقا لما يذكره المرسوم، محدودة بشكل مُقلق وتُقصي العديد من الضحايا.
وعد “الإعلان الدستوري السوري” الصادر في مارس/آذار، والذي يُفترض أن يُنظّم الفترة الانتقالية في البلاد، بإنشاء هيئة فيها “آليات فاعلة تشاورية مرتكزة على الضحايا، لتحديد سبل المساءلة، والحق في معرفة الحقيقة، وإنصاف للضحايا والناجين”. لكن يقتصر مرسوم 17 مايو/أيار على الجرائم التي ارتكبتها حكومة الأسد فقط، مُستثنيا ضحايا الانتهاكات التي ارتكبتها الجهات غير الحكومية. كما أنه لا يوضح كيفية إشراك الضحايا بفاعلية في تشكيل عمل اللجنة أو المشاركة فيه، أو ما إذا كان سيتم ذلك.
هيئة العدالة الانتقالية السورية
قُوبِل إنشاء “الهيئة الوطنية للمفقودين” بتفاؤل مشوب بالحذر، لكن سيعتمد نجاحها على الشفافية، وإطار عمل قائم على الحقوق، ومشاركة حقيقية للضحايا، كما هو الحال مع الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية. ومن دون هذه العناصر، لن ينجح حتى هذا الجهد الهام في تلبية توقعات السوريين المُبررة.
تُؤكد الفظائع الأخيرة وتصاعد الخطاب الطائفي على الحاجة المُلحة إلى عملية عدالة انتقالية شاملة – عملية لجميع السوريين، وليس لبعضهم فقط. تقف الحكومة السورية الآن عند مفترق طرق: إما أن تتبنى عملية حقيقية تُركز على الضحايا وتُقر بحقوق جميع الناجين، أو تُديم الإقصاء وتُعمّق الانقسامات.
الاتجاه الذي ينبغي اتباعه واضح. قاد النشطاء والمحامون والناجون السوريون النضال من أجل العدالة لسنوات عديدة. وثّقوا الانتهاكات، ودعموا العائلات التي تبحث عن أحبائها، وتفاعلوا مع آليات العدالة الدولية، هو ما يجعل مشاركتهم ضرورية، وليست اختيارية.
ينبغي للسلطات السورية الاستفادة من التجارب الناجحة للتعاون بين آليات “الأمم المتحدة” ومنظمات الضحايا – مثل “المؤسسة المستقلة المعنية بالمفقودين في الجمهورية العربية السورية” التابعة للأمم المتحدة – وضمان أن يكون للناجين والمجتمعات المتضررة دور محوري في تشكيل تصميم عملية العدالة الانتقالية وأهدافها وتنفيذها.
ينبغي لشركاء سوريا الدوليين توضيح أن دعم هذه الجهود سيعتمد على نهج شفاف وشامل ويركز على الضحايا. هناك فرصة ملموسة لتحقيق عدالة حقيقية، لكن هذه الفرصة ستضيع إذا استبعدت العملية بعض الضحايا أو همشتهم.
صفحة الفيس بوك: https://www.facebook.com/marota.news