وزير التربية يُزيح الكابوس عن شركة تجارية ويُنفذ أحلامها
في أول أيام عيد الفطر السعيد حضرت مع اطفالي العرض المسرحي “سورية تنبض” على مسرح الحمرا بدمشق، واستمتعنا لمدة ساعة بالعرض الذي قدمته فرقة جاءت من حمص، ومر العرض من دون أي تغطية اعلامية لا رسمية ولا خاصة، وسألت لماذا غاب الاعلام عن هذه التغطية، وبررت في نفسي ان الزملاء معيدين.
وعند الخروج من العرض يطلب منا أحد العاملين في المسرح حضور عرض فيلم سينمائي آخر في الساعة السادسة مساء للأطفال سمع الاطفال بالدعوة واحبوا الحضور، طبعا لا نعرف ما هو العرض، ولا ماذا يتضمن، وحضورنا كان بالصدفة. وعند الوصول الى صالة المسرح في الساعة 6 مساء وجدنا حضور الكبار أكثر من الصغار، وهنا ترددنا بالدخول لحضور الفيلم على اعتبار انه يخص الكبار ومع ذلك حضرنا، وبعد فترة قصيرة واذا بوزير التربية يدخل ومعه بعض المسؤولين، وحضور كثيف لوسائل الإعلام العامة والخاصة، دقائق قليلة ومن ثم يبدأ العرض.
بدأت الموسيقى ومن ثم خرج أحد عناصر القصة ليعرضها، سألني طفلي لماذا هذا متوحش، حاولت ان أدقق بالشخصية واسقاطها على شخصيات مشابهة في ذاكرتي كانت المقاربة مع شخصيات “عنيفة” لا يحبها الاطفال، ويجب أن لا يحبوها ولا يسمعوا بها، وأيقنت ان ملاحظة ابني في الصف الرابع في مكانها. الطفل الصغير سمع الاصوات المرتفعة وخاف من الكابوس احد جوانب الفيلم واخذ يستمتع بفيلم على اليوتيوب وكأنه غير موجود في المسرح، والطفل الآخر كنت اراقبه بدقة واذا عينه تذهب إلى الطفل والبطل في الفيلم الذي يقوم بالترويج لمنتجات الشركة الراعية للفيلم، وهذه المنتجات لا تغادر يده بالرغم من أن هذه المنتجات يحذر منها الاطباء بشكل مستمر مثلما يحذرون من الوجبات السريعة .
تابعت الفيلم وحبكة القصة والكابوس وكيفية انتصار الخير على الشر، وفي جميع المجريات البطل يمسك منتجات الشركة ويأكل منها وفي النهاية لأنه أكل من المنتجات استطاع ان يبتكر الحل وينتصر الخير على الشر، وتغيير الواقع إلى الأفضل، من وجهة نظر ابني المتابعة إلى هنا تنتهي القصة . وبعد متابعة الحملة الاعلامية لنشر الفيلم في وسائل الاعلام الرسمية والخاصة والية التعاطي قفز إلى ذهني أسئلة لا تنتهي منها، هل يحق لوزير التربية أن يرعى منتج خاص بالأطفال ويقوم بالترويج له بطريقة غير مباشرة، وفي حال الشركة قامت برعاية انتاج الفيلم يمكن لها ان تقدم مانشيت انها راعية في بداية ونهاية الفيلم ويمكن تمرير مانشتات انها ترعى الفيلم، أم أن يتم الترويج من بداية الفيلم الى نهايته عن منتجات الشركة بهذه الطريقة، اسمحوا لنا بالقول ان هذا الفيلم هو ترويج تجاري لمنتجات الشركة ورعاية الوزير لإطلاق الفيلم مايعني انه تبنى هذا الفيلم الترويجي، وسيسمح بعرضه في جميع الصالات والمدارس للأطفال مجانا، والترويج عن منتجات الشركة وزرع في عقولهم بطريقة غير مباشرة أن منتجات هذه الشركة هي الأفضل وهذا تفضيل منتجات يحبها الأطفال على منتجات أخرى.
وهنا اسمح لنا معالي الوزير ونحن نتكلم من وجهة نظر اعلامية ولا علاقة لنا بالترويج التجاري بالقول: إن محاولة تغيير سلوك الاطفال إلى الافضل لا يكون من خلال الترويج لمنتجات شركة ووضعها بالملعقة في فم الأطفال، صحيح نحن بحاجة الى مسرح الطفل، وتغيير الواقع نحو الأفضل، ويكون بالاتجاه الى المنتجات الطبيعية التي تحمي صحة الطفل، وليس الى المنتجات التي يحذر منها الاطباء جهارا نهارا، وهل لو عرضنا هذا الفيلم على وزير الصحة وطلبنا منه المشورة الصحية هل سيعطي الموافقة على تبني وزارة التربية للفيلم.
من الجميل جدا ان نشاهد الشركات التجارية تقوم بمد يد المساعدة وتقديم الادوات المساعدة للمدارس والافلام التعليمية والتوجيهية الهادفة، ونحن مع دخول القطاع الخاص بقوة الى هذا الجانب، وأن يحظى بالرعاية كما ترعى الشركات التجارية الافلام والمسلسلات من خلال تمرير الدعايات فقط، وليس ان يكون المنتج الاساسي هو اليد اليمنى للبطل، وأسلوب التغيير نحو الأفضل. معالي الوزير استمعت الى تصريحك المقتضب أن هذا الفيلم تجربة عظيمة والاطفال يفتقدون لسينما خاصة بهم وللبرامج التلفزيونية التربوية التوعوية، ما يتطلب إنتاج المزيد من هذه الأعمال، نحن مع معاليك وندعم هذه الخطوة بقوة لكن ضمن حدود الترويج المتبعة، والتي يجب أن توافق عليها المؤسسة العربية للإعلان كون هذه الاعمال فيما لو عرضت على المؤسسة لم تمنح الموافقة على نشرها دون الحصول على حصتها من الاعلان غير المباشر حسب القوانين والأنظمة، ولن تسمح بعرض المنتج على الشاشة هذه المدة الطويلة كما هو في الفيلم ولو قامت بعملية حسابية والمحاسبة وفق تسعيرة المؤسسة لكانت الشركة على الأغلب تنازلت عن الفيلم ورفضت عرضه كون التسعيرة تكون على فترة عرض المنتج على الشاشة .
معالي وزير التربية الفيلم لم يشاهد بعد بكثافة كبيرة، ونرى انه من الأجدى ان يتم اعادة النظر بالفيلم، وان تكون رعاية التعليم الهادف كما هو عرف الرعاية في بداية ونهاية الفيلم، وليس ان يكون البطل هو منتجات الشركة الراعية .