اخترنا لكممش عيب

أبلغ تشبيه للواقع الاستثماري السوري

قسم الباحث الاقتصادي، زكي محشي، تقسيم العوامل السلبية التي تؤثّر على فعالية الاستثمار إلى مجموعتَين رئيسيتَين: الأولى، عوامل خارجية مِن مِثل العقوبات والمؤشّرات السلبية للاقتصاد على المستوى العالمي، لا يمكن للحكومة التأثير فيها؛ والثانية، عوامل داخلية يساهم حلّها في تطوير بيئة العمل في سوريا بدرجة كبيرة. وعليه فإن ما يمكن للحكومة العمل عليه للاستفادة من الانفتاح العربي، هو التركيز على ترتيب البيت الداخلي اقتصادياً بدل الاستمرار في تعليق الفشل الاقتصادي على شمّاعة العوامل الخارجية».

ضعف فعالية رأس المال

ويبيّن محشي، في تصريح إلى «الأخبار»، أن هناك سبعة عوامل تضعف عموماً من فعالية رأس المال، وهي: «عدم الاستقرار على المستوى الاقتصادي، وأكثر المؤشّرات وضوحاً إلى ذلك هو التذبذب الكبير في سعر الصرف (وليس فقط انخفاض سعر الصرف)، والذي يؤثّر سلباً على عائديّة وفعالية رأس المال؛ ضعف السوق الداخلي والقدرة الشرائية للسوريين ما يحدّ من فعالية أيّ استثمار يعتمد على ذلك السوق؛ صعوبة الولوج إلى الأسواق الخارجية نتيجة العقوبات والانخفاض الحادّ في مؤشّر تنافسية المنتج السوري (غير المواد الخام والمنتجات الزراعية)؛ ضعف البنية التحتية والذي يشكّل بيئة غير جاذبة للاستثمار لأن ذلك يضع عبئاً على الأخير في ما يخصّ تكاليف الإنتاج؛ ضعف المؤسّسات المالية الموجودة في القطاعَين العام والخاص وعدم قدرتها على تقديم الخدمات المالية التي يحتاجها المستثمرون؛ ضعف رأس المال البشري نتيجة خروج الكوادر الفنية والتقنية والعلمية؛ ضعف البيئة المؤسّساتية وسيادة القانون وسيطرة آليات الفساد والمحسوبية والأنشطة غير القانونية على الاقتصاد السوري، الأمر الذي يؤدّي إلى هروب رؤوس الأموال من الداخل».

مؤشرات دولية

وأيّاً كانت النظرة إلى بعض المؤشّرات الدولية ودرجة تسييسها أو موضوعيتها، فإنها تمثّل مرجعاً للكثير من الحكومات والمؤسّسات والمجموعات الاستثمارية العربية والأجنبية لبناء قراراتها وتوجّهاتها، ولا سيما أنها معتمَدة من قِبل «المؤسسة العربية لضمان الاستثمارات» في نشراتها وتقاريرها الدورية. فمثلاً، تبعاً لما تضمّنه تقرير المؤسّسة المذكورة لعام 2022، فإن سوريا جاءت في المرتبة الـ19 عربياً وفي المرتبة الـ183 على المستوى العالمي في تقييم أهمّ ستّة مؤشّرات مخاطر خاصة بالاستثمار والأعمال في عام 2021. كما أنها احتلّت المرتبة الـ17 عربياً والمرتبة الـ155 عالمياً في الترتيب العالمي لأهمّ سبعة مؤشّرات مخاطر للدول المتعلّقة بالتجارة لعام 2021. وبحسب مؤشر «PRS» لمخاطر الدول، والذي يقيس المخاطر السياسية والمالية والاقتصادية في 142 دولة ومنذ حوالي 40 عاماً، فقد جاءت سوريا في المرتبة الـ139 عالمياً.

الواقع الاستثماري

أبلغ تشبيه للواقع الاستثماري السوري اليوم هو كحال شركاته الحكومية، التي تملك عقارات قيمتها عشرات المليارات من الليرات، وفي النهاية هي خاسرة وتستدين من خزينة الدولة لسداد رواتب موظّفيها. لكن، وبعيداً عن العقوبات الغربية والصعوبات والمشكلات التي تعانيها البيئة الاستثمارية، هل تملك البلاد بالفعل فرصاً استثمارية مغرية؟ يجيب عابد فضلية، الأستاذ في كلية الاقتصاد في جامعة دمشق، بأنه «بغضّ النظر عن المسار السياسي والديبلوماسي، وخارج مفاعيل الحصار والعقوبات، فإن سوريا من بقاع العالم المجدية للاستثمار قصير ومتوسّط وطويل الأمد، وعلى المستويات والصعد كافة، وفي مقدّمتها قطاعات الزراعة النباتية والحيوانية، البناء والعقارات والبنية التحتية، البنوك والمال، الصناديق الاستثمارية السيادية للمشروعات الفردية والمشتركة والمساهمة الخاصة والعامة». على أنه ثمّة مجموعة من الخطوات الإصلاحية المنتظَرة لتحسين مناخ البلاد الاستثماري؛ إذ لا يكفي إصدار قانون استثمار متخَم بالمزايا والتسهيلات، في وقت تَصدر فيه عشرات القرارات المكبِّلة والمعيقة لبيئة العمل، وهو ما يزيد من حالة عدم الثقة والخوف من التقلّبات التشريعية.

اقرأ أيضا:الاقتصاد السوري والمحطات المتنقلة

وفي سبيل التغلّب على تلك العوائق، يقترح محشي العمل على مسارات عدّة منها: «إعادة الثقة بين المؤسّسات الاقتصادية ورأس المال والحدّ من حالة عدم اليقين، ولتحقيق ذلك تجب مكافحة الفساد على المستويات كافة ومن دون محاباة؛ سيادة القانون على جميع المستثمرين والفاعلين الاقتصاديين من دون استثناء؛ كبح انتشار الأنشطة غير الشرعية؛ التنسيق مع مؤسّسات الاستثمار العربية لتقديم الدعم الفنّي والتقني والقانوني للمؤسّسات السورية من أجل تطوير الأداء وخلق بيئة استثمار جذّابة؛ تحديد أولويات الاستثمار وطرحها على المؤسّسات العربية والدولية بحيث تحمل هذه الأولويات أثراً مضاعَفاً على بيئة الاستثمار (كالاستثمار بالطاقة)؛ وضع أنظمة رصد وتقييم فعّالة تشارك فيها خبرات سورية ومؤسّسات المجتمع المدني للتحقّق من فعالية الاستثمارات وفق الأولويات؛ الابتعاد عن الاستثمار في مشاريع الربح السريع والقطاعات الريعية غير الإنتاجية والتي ترسّخ عملية التوزيع غير العادلة للموارد الاقتصادية؛ تعزيز رأس المال الاجتماعي بين السوريين في جميع المناطق من خلال تنفيذ خطوات في اتّجاه الاستقرار السياسي القائم على الحقوق الدستورية للسوريين، وهو ما يتناسب مع اقتراحات الدول العربية في بيانَي عمان وجدة، بما في ذلك عودة اللاجئين الآمنة والطوعية، ووقف الأنشطة غير الشرعية، والتطبيق التدريجي للقرار 2254».

الأحبار اللبنانية

صفحة الفيس بوك :https://www.facebook.com/narampress

Visited 10 times, 1 visit(s) today