أتخمنا من الاستعراض… شكاوى المواطنين الأبواب مفتوحة لتلقيها ومغلقة لحلها
دمشق..
في الوقت الذي تعمل الحكومة والوزراء والمحافظين والمسؤولين إلى الاستماع لشكاوى المواطنين، ومنهم من يحدد ساعة في الأسبوع للاستماع إلى رأيهم ويتفاخر بالتقاط الصور التذكارية، ومنهم من يدعو المسؤولين الأدنى منه للاستماع للشكاوى، يظهر في وسائل الإعلام أصوات مبحوحة وأصحاب مظلمة وحقوق ولا أحد يلتفت إلى أصواتها، ومنهم من يرفع من سقف حديثه إلى سقف جديد وتسمع قصته يأتيك العجب لكن أذان المسؤولين للأسف صم لا يسمعون ولايريدون السمع.
المسؤولون بدورهم في بداية استلامهم المناصب وحماسهم لتنفيذ التوجيهات يحددون ساعة ويوم من كل أسبوع لاستقبال المواطنين والاستماع لهمومهم، وهذا يعني أن أبواب المسؤولين مغلقة ويستخدمون الأبواب المغلقة في إدارتهم، ويستقبلون من لديه شكوى ومقتنع أن هناك من يساعده على حلها سيذهب لملاقاة المحافظ أو الوزير في ساعة محددة، ومن العرف السابق أن في هذا التوقيت لا يخرج المسؤول لملاقاة المواطنين بل يكلف معاونه في أول جلستين، ومن ثم العلاقات العامة وبعدها موظف درجة ثانية ومن ثم اترك شكوتك مكتوبة ونحن نتابعها وتجد طريقها إلى أقرب سلة مهملات.
وللأسف حتى اليوم لم يتخذ أي مسؤول في البلد آلية تواصل عملية وفعالة مع الناس يبدع فيها رجال العلاقات العامة لابتداع فكرة تكون
نموذج يحتذى في باقي الوزارات، وليكون لهذا المسؤول شرف السبق إلى سن هذه الآلية الحسنة والتي توفر على المسؤول والمواطن الكثير من الجهد والوقت، والأهم من إيجاد هذه الطريقة إيجاد الحلول للشكاوى القائمة والتدقيق في ردود المسؤولين في الجهات التنفيذية على الشكاوى ومطابقتها للواقع.
ومن الشكاوى الغريبة التي وصلت إلى جهينة نيوز أن تجاوز رئيس بلدية في منح ترخيص بناء غير قانوني أوصل طرفي النزاع على هذه المخالفة إلى التقاضي في المحكمة لمدة 10 سنوات، وينتقلون من محكمة إلى أخرى، ويبحثون عن الواسطات والقضاة للفوز بالدعوة، والسبب الأساسي هي رشوة صغيرة لرئيس بلدية وعدم وجود من يسمع الشكاوى، أو يدقق بالمخالفات وإصرار أصحاب المظلمة الحصول على حقهم، ومن الشكاوى الأخرى أن رئيس بلدية ما يرد على المحافظ بكتاب مغلوط ومغاير للواقع أي ما هو ضمن التنظيم يصبح خارج التنظيم، والمحافظ يخاطب الوزير والقصة تتحول إلى التفتيش وتنام سنوات والأطراف تتناحر والشكاوى تنام بردود كاذبة .
ما نود قوله أن أسلوب الإعلان عن تلقي الشكاوى أصبح قديما، والمطلوب اليوم أسلوب معالجة هذه الشكاوى، ومتابعة تطور العمل في أي مرفق من مرافق تلك الوزارة، والتخلص من حالة التدافع والتسابق على مقابلة المسؤول الرفيع خلال مهمته الميدانية، كونها أصبحت نتيجة حتمية لهذا التقصير في حل شكاوى الناس وتجبر بعض المسؤولين وغياب من يحاسبهم، أو لعدم اتخاذ القرار غير لمناسب تجاه حاجات ومطالب المواطنين.
طبعا المواطن لا يلام في ظل عدم الاستفادة من قنوات الاتصال المتوفرة لدينا، والتي يجب أن تُفعّل ويؤخذ بها أسوة بالدول الأخرى، وكل ما يحكى عن صحافة الحلول والاستقصائية وصفحات تلقي الشكاوى في الإعلام عبارة عن فقاعات إعلامية ويكتب يوميا عشرات الشكاوى ولا أحد يلتفت إليها.
الشكاوى العامة كثيرة وأبوابها مفتوحة لكن حلولها معدومة، وهناك تعامي مقصود عنها، والشكاوى الخاصة وضياع الحقوق أصبحت موضة ردود المسؤولين “روح بلط البحر” لأن أي رد على الشكوى سوف يعود إلى الظالم ليرد عليها، وهنا سيكون الرد لتمييع الحق وغياب الثقة بالحل والحل الأمثل البحث عن آلية لحل الشكاوى قبل تلقيها.
جهينة نيوز