إردوغان يواصل مغازلة دمشق: أهلاً بالأسد في ديارنا
إردوغان يواصل مغازلة دمشق .. قطع الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، أشواطاً إضافية في طريق مغازلته لدمشق، معلناً أن بلاده تنتظر زيارة قد يجريها الرئيس السوري، بشار الأسد، بصحبة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الذي وجّه إليه إردوغان دعوة لزيارة تركيا، ما يعني بدء «صفحة جديدة» في تاريخ العلاقات بين البلدين، اللذين تبذل دول عديدة، وعلى رأسها روسيا، جهوداً حثيثة لفتح الأبواب المغلقة بينهما.
وقال الرئيس التركي، الذي أدلى بهذه التصريحات خلال عودته، أمس، من المشاركة في قمة «منظمة شنغهاي للتعاون» التي استضافتها العاصمة الكازاخية أستانة، والتقى خلالها بوتين: «قد ندعو الأسد بالتنسيق مع بوتين. من المهم القضاء على الهياكل الإرهابية بشكل جماعي، وبناء مستقبل سوريا»، لافتاً إلى أن «بناء البنية التحتية الديمقراطية في سوريا وتحقيق السلام الشامل لهما أهمية كبيرة».
إردوغان يواصل مغازلة دمشق
وأكّد تصريحاته السابقة التي أدلى بها حول ترحيبه بلقاء الأسد، قائلاً: «ذكرت يوم الجمعة أننا يمكن أن نبدأ عملية جديدة مع سوريا. قد تكون لدينا دعوة للسيد بوتين وبشار الأسد، إذا استطاع السيد بوتين زيارة تركيا، فقد تكون هذه بداية لعملية جديدة».
وفي تصريحاته التي نشرتها صحيفة «Türkiye» التركية، رأى إردوغان أن السنوات التي مرت في الساحة السورية أظهرت بوضوح للجميع ضرورة إنشاء آلية حل دائمة. وأشار إلى أنه «من الضروري أن تنهض سوريا، التي دُمرت بنيتها التحتية وتشتّت شعبها، وأن ينتهي عدم الاستقرار. الهدوء الذي تحقق في الآونة الأخيرة على الأرض يمكن أن يفتح باب السلام بسياسات حكيمة ومقاربات خالية من الأحكام المسبقة وتركز على الحل».
ولم يخف الرئيس التركي تفاؤله بتغيّر الأوضاع، مشدّداً على أن «رياح السلام التي ستهب في سوريا والمناخ السلمي الذي سيعمّ جميع أنحاء سوريا، ضروريان لعودة الملايين من الأشخاص الذين نزحوا إلى دول مختلفة، إلى وطنهم. لقد مددنا يد الصداقة دائماً إلى جارتنا سوريا وسنظل نفعل ذلك». وتابع: «سنكون دائماً إلى جانب سوريا موحّدة ومزدهرة تحت أساس عقد اجتماعي جديد عادل وشامل وكريم»، مستدركاً بأن «المهم هو أن تبدأ سوريا هذه المصالحة الكبرى وتتعافى في كل المجالات».
اجتثاث البنى الإرهابية
وفي الوقت الذي استطرد فيه إردوغان في مغازلة دمشق، شنّ هجوماً على الأطراف التي تعارض التطبيع بين بلاده وسوريا، معتبراً أن من يعارضون حدوث لقاء يجمعه مع الأسد ينتمون إلى منظمات من مثل «حزب العمال الكردستاني (PKK)، و«حزب الاتحاد الديموقراطي» (PYD) و«وحدات حماية الشعب» (YPG)، وتنظيم «داعش».
اقرأ ايضا:الأسد يشترط خروج القوات التركية من سوريا لعقد أي لقاء مع أردوغان
وقال «إنهم لا يريدون مثل هذا اللقاء ولا يريدون نهوض سوريا مرة أخرى». وتابع أن «عدم الاستقرار في المنطقة، والذي يوفر مساحة للتحرك للجماعات الإرهابية، وخاصة PKK/PYD/YPG، يمثل مشكلة»، مشدداً على أنه «من المهم التعاون بشكل شامل لاجتثاث هذه البنى الإرهابية من جذورها لبناء مستقبل سوريا (…) إن بناء البنية التحتية الديمقراطية في سوريا، وتحقيق سلام شامل وكريم، والتعامل مع كل هذه القضايا على أساس وحدة الأراضي السورية أمر في غاية الأهمية»، وفق تعبيره. ولفت إلى أن الأحداث في الشمال السوري هدأت «بعد أن تدخّل رئيس الحكومة المؤقتة» (التابعة للائتلاف المعارض الذي ينشط من تركيا)، عبد الرحمن مصطفى.
الصمت إزاء التصريحات التركي
تلتزم دمشق الصمت إزاء التصريحات التركية، باستثناء ما أدلى به الأسد خلال لقائه لافرنتييف
وتجيء التصريحات الجديدة للرئيس التركي، الذي يبدو أنه سمع كلاماً إيجابياً من نظيره الروسي، بالتزامن مع استمرار الجهود التي تبذلها موسكو وبغداد ودول أخرى عديدة بينها إيران ودول الخليج العربي، باستثناء قطر، للدفع نحو عودة العلاقات السورية – التركية إلى شكلها الطبيعي. وكانت فشلت محاولات روسية – إيرانية سابقة في الاتجاه نفسه، إثر إصرار دمشق على جدولة خروج القوات التركية غير الشرعية من الأراضي السورية، ومحاولة أنقرة الالتفاف على ذلك عبر ربط هذه النقطة بسلسلة من الشروط، بينها إبعاد «خطر الأكراد» عن حدودها، والبدء بعملية سياسية في سوريا، وتمهيد الطريق لعودة اللاجئين السوريين.
وفي الوقت الذي تزداد فيه المواقف التركية المغازلة لدمشق، لا تزال تلتزم الأخيرة الصمت، باستثناء تصريحات أدلى بها الأسد خلال لقائه المبعوث الخاص للرئيس الروسي، ألكسندر لافرنتييف، الذي زار دمشق الأسبوع الماضي، وأعلن فيها ترحيب بلاده بكل المبادرات المتعلقة بإصلاح العلاقات مع تركيا والمستندة إلى سيادة سوريا. وبينما كان إردوغان يعبّر عن تفاؤله بلقاء قريب يجمعه مع الأسد، أعلن زعيم «حزب الشعب الجمهوري» التركي، أكبر الأحزاب التركية المعارضة، أوزغور أوزال، أنه أجرى اتصالات مع الأسد، مشيراً إلى أنه سيلتقي معه «قريباً جداً» في دمشق.
تهدئة الأوضاع في الشمال
وقال: «سأذهب عبر لبنان في شهر تموز الجاري (…) سوف نجلس معاً لنحل مشكلة اللاجئين (…) وسنقوم بأكبر حملة حول هذه القضية، طالما أظهر الجميع إرادتهم للتخلص من قضية اللاجئين». وتابع أنه «يجب حل هذه القضية مع القلق من حوادث مثل قيصري. لذلك، يجب تحديد المسجلين وأولئك غير القانونيين ثم التصرف وفقاً لذلك، لا يمكن أن تتحول الأمور إلى الوضع الراهن، فالوضع اليوم هو قضية غير عادية، ويجب حلها».
اقرأ أيضا: النظام التركي يخلي مورك.. هل حان وقت خروجه من سورية ؟
وتأتي تصريحات زعيم المعارضة التركية بعد أيام من تعرّض السوريين في ولاية قيصري ومناطق تركية أخرى لهجمات ذات طابع عنصري، انتقلت إلى مناطق السيطرة التركية في الشمال السوري عندما نظّم سوريون تظاهرات حاشدة وهجمات على مصالح تركية، بعضها جاء رداً على الهجمات التركية وبعضها الآخر يرتبط بمساعي التطبيع مع دمشق، في ظل اتهام الفصائل أنقرة بـ«ببيع المعارضة السورية مثلما تمّ بيع الإخوان المسلمين بعد التطبيع مع مصر».
لكن السلطات في الداخل التركي والفصائل التابعة لتركيا في الشمال السوري، تمكّنت من تهدئة الأوضاع، بعد القبض على العشرات، إلى جانب قطع الاتصالات عن بعض المناطق في شمال وشمال غربي سوريا، من دون أن تؤثّر هذه الفوضى على التوجه التركي المعلن للانفتاح بين البلدين، على أن تبدأ أولى خطواته الفعلية خلال لقاء مرتقب في العاصمة العراقية بغداد.
الأخبار
صفحة الفيس بوك:https://facebook.com/narampress