Uncategorizedاخترنا لكمعبي بالخرج

الاستثمار بالفساد تجارة رابحة خلفت كوارث إدارية

دمشق..
في يوم من الايام استمعت الى أحد كبار رجال الاعمال في سوريا يطلب من أحد المكاتب العقارية الذي كان يقدم له العروض المتوفرة لديه للبيع والشراء، ويقول له ” أنا بدي عقار ميتة أمه” سمعت هذه الجملة دون أن أعرف معناها في حينها، وبعد سنوات عرفت المعنى الحقيقي لها وهو “الاستثمار بالفساد”.
الاستثمار بالفساد حسب رأي رجل الاعمال السوري الرفيع تدر أرباحا مادية أكثر من الفكر الاستثماري العتيق الذي يقول “استثمر في المناطق التي تجري فيها الدماء” أي اتجه في استثمارك بعكس السوق من أجل حصد الارباح الوفيرة، ومعنى ذلك اشتري عقار بثمن بخس ونيمه ثم استثمره عندما يتم احياء المنطقة، وهذا عرف تجاري عالمي قائم وحلال لا غبار عليه، أم الاستثمار بالفساد فهذا عرف سوري خاص لدى رجال الاعمال وكبار الموظفين الفاسدين في الدولة .
الاستثمار بالفساد حسب منطق رجل الاعمال هو شراء عقار عليه ورثة ومشاكل لا يمكن حلها، أو عقار الدولة حاطي ايدها عليه، أو الاستثمار بالفضلات الناتجة عن المخططات التنظيمية، أو العقارات التي عليها دعاوى من عشرات الأعوام وعليها إشارات كثيرة، وعندها يكون ثمن العقارات بخس وبفرنكات قليلة .
وفكرة الاستثمار بالفساد تقوم على شراكة الفاسدين في الدولة بالعقارات من خلال منحهم نسبة من الاستثمار، وعلى هذه الشبكة الفاسدة القيام بالرشاوي والتزوير والعزائم وشراء الذمم، وابعاد من هم يقفون في وجههم، ولديهم شبكة من القانونيين والقضاة لحل مشاكلهم، وعندها يقوم رجل الاعمل بشراء عقار بثمن 3 من 10، ومع رشوة 2 من عشرة يكون وربحه يساوي أكثر من النصف دون أن يخرج من مكتبه أو يكلف نفسه عناء البحث والجدال والأخذ والرد.
هناك من يقول إن هذا الاجراء قد يصير أو يظبط في مؤسسة ما ولا يمكن تعميمها، سنقول ومن خلال الوثائق المتوفرة أن الاستثمار في الفساد يقوم على فكرة أساسية وهي تزوير الوثائق وتقديمها الى القضاء، وتزوير التواقيع والموافقات وتقديمها الى مؤسسات الدولة، وهي البحث في القوانين والانظمة وابدال المصطلحات وتحريفها واستخدام نفس المصطلحات بوجهين متعاكسين حسب موجة الرشوة ، وإدخال المعترضين من أصحاب الحقوق في دوامة لا يمكن الخروج منها بعشرات الأعوام، واجبارهم عن التنازل عن حقوقهم لصالح شبكة الفساد.
الاستثمار بالفساد هو وحده الذي جعل من شبكة الفساد من العاملين في الدولة من أصحاب الاعمال ولديهم العقارات وتجارة السيارات، ومنهم من أصبح من كبار رجال الأعمال، ولا يوجد أي سبب لهذا الغنى الفاحش للفاسدين في الدولة من جراء راتب وظيفة لا يسد رمق الجوع في الحد الأدنى، فكيف ومن أين أتت هذه الأموال سؤال يجيب عليه من نيم قانون من أين لك هذا .
الشراكة بالفساد يعني شبكة من الموظفين تمتد من القضاء الى المالية الى العقارية الى مؤسسات الدولة الأخرى، يديرها كبار الفاسدين بالدولة، وجميع الشكاوى والتقارير بحق من يرتكبها مصيرها سلة المهملات، وهي كيدية كون حصة الاستثمار بالفساد جزء منها يذهب الى الجهات الرقابية، وقد يقول قائل إن هذا الكلام هراء ولا أساس له من الصحة، سأقول لكم أن القصص الموثقة أكثر من أن تعد وتحصى، وهناك مناطق بأكملها تنام من عشرات الأعوام وممنوع استثمارها كون الشراكة بالفساد غير ناضجة بعد .
والى متى سيبقى هذا الاستثمار في سورية، جواب هذا السؤال على ما يبدو انه الاستثمار الأكثر رواجا اليوم، وأصبح عرفا والخوف كل الخوف من اقراره كون العمل به يسير على قدم وساق ولا يوجد من يقف في وجهه أو على الأقل من يشير اليه، لكن في حال أي جهة محايدة فتحت باب التدقيق والمحاسبة ستجد الكوارث الإدارية من الاستثمار بالفساد .
A2Zsyria

Visited 30 times, 1 visit(s) today