البحث العلمي في سوريا ضائع في دوامة الروتين.. أستاذ جامعي : ما حدث معي “ببكي”
دمشق..
عندما تسمع عن وجود مخابر علمية في الجامعات تكلفتها اليوم مئات الملايين ولم تستخدم لمرة واحدة، أو معطلة ولم يستفاد منها، وعندما تسمع عن توقف الزيارات العلمية لأساتذة الجامعات منذ أكثر من ١٠ سنوات، وعن فشل بعض الأبحاث العلمية التي عزمت الهيئة العامة للبحث العلمي تنفيذها، وأعلنت عنها قبل عامين وإلى اليوم لم تنفذ، والسبب هو الروتين والتعقيد وعدم المرونة والتعامل مع حال التضخم الذي يحدث للاقتصاد السوري، تقف وتسأل هل البحث العلمي في بلدنا بخير؟ ومن المسؤول عن تدوير البحث العلمي في دوامة الروتين؟.
الأستاذ الجامعي الدكتور المهندس علي محمود يروي “لأثر برس” ما حدث معه بعد إنجاز بحثه فيقول: “وقعت عقد مع وزير التعليم العالي على الهواء مباشرة لإنجاز بحث علمي قبل أكثر من عامين، وطلبت مبلغ 6 مليون ليرة سورية لشراء التجهيزات اللازمة لإقامة البحـث، تمت الموافقة على الفكرة وإجراء البحـث، ونتيجة التأخير في صرف المبلغ وبعد أن انتشر وباء كورونا وأغلقت البلد لشهرين لم يتم شراء المواد الخاصة لإجراء البحث في حينها كانت كلفتها ٦ مليون ليرة، وبعد عام ونتيجة التضخم الذي حدث طلبت الهيئة العلمية للبحـث العلـمي مني تنفيذ البحث، أخبرتهم بكتاب رسمي أن تكلفة البحث العلمي ارتفعت نتيجة التضخم الحاصل وارتفاع أسعار المواد من ٦ إلى ١٦ مليون ليرة، فكان رد مدير الهيئة العليا للبحث العلـمي أن العقد شريعة المتعاقدين”.
وهنا استغرب محمود هذا الرد وقال: “هل يعقل أنا أُعامل مُعاملة الباطنجي حتى تُخبرني الهيئة أن العقد شريعة المتعاقدين؟ هل أنا أنجز البحث العلمي لبيتي؟ فخاطبتهم بكتاب طلبت منهم شراء التجهيزات المطلوبة للبحث من قبل الهيئة وأنا أقوم بالبحـث العـلمي”.
وتابع محمود: “في رسالة أخرى من الهيئة تخاطبني فيها تقول: إن المدة المحددة لتنفيذ البحـث سوف تنتهي، إما أن تأخذ الأموال وتنفذ البحـث أو ترسل اعتذاراً، ورديت على الكتاب بأني لن أعتذر وأكدت على أهمية إجراء البحـث العلمي لكن هذا البحـث كانت تكلفته ٦ مليون ليرة أصبحت اليوم ٣٢ مليون وفق الأسعار الرائجة في السوق.. اشتروا المواد وأنا أقوم بالبحث”.
وتابع الدكتور محمود: “بعد عامين من مدة البحث العلمي وصلتني رسالة من الهيئة تقول كونك لم تنفذ البحث نحملك دفع غرامات مايلي: طابع العقد، وطابع إعادة الإعمار، وطابع مجهود حربي، وطابع مساعدة الجرحى، وطابع مساعدة أسر الشهداء، والبالغة ٧٠ ألف ليرة وعليك تسديدها”.
واعتبر الدكتور محمود أن هذا التصرف مع باحث علمي لديه أكثر من 20 سنة في الجامعة والغرامات الصادرة عن الهيئة “محزنة وتجعلنا نبكي على حال البحث العلمي في سوريا”، مضيفاً: “أنا باحث قدمت فكرة البحث ودراسة عن تكلفته، وبدلا من أن تكون الميزانية مفتوحة لخدمة البحـث العـلمي، ونتيجة تأخر الهيئة في صرف الأموال وعدم قيامها بشراء التجهيزات تلحقني بغرامة مالية على اجتهادي.. عنجد صرت أبكي على حال البحث العلمي”.
وحمل الدكتور محمود الهيئة مسؤولية عدم إنجاز هذا البحـث الذي وقعه على كلفة ٦مليون ليرة وثمن تجهيزاته اليوم تفوق ٦٠ مليون ليرة، خاتماً شكواه بالقول: “هل يعقل أن هناك إدارة في العالم تتعامل مع البحـث العلمـي بهذه الطريقة”.