التطبيع بين أنقرة و دمشق يدخل في دوّامة جديدة
بالرغم من إدراجه ضمن الجولة الـ 22 من مباحثات «أستانا» حول سوريا، والتي عقدت في العاصمة الكازاخية الأسبوع الماضي، دخل ملف التطبيع بين دمشق وأنقرة، الذي يجري العمل عليه بوساطة روسية ودفع إيراني، دوامة جديدة.
يأتي هذا في ظل اندلاع سجال روسي – تركي على خلفية رفض أنقرة سحب قواتها من سوريا، وربطها هذا الإجراء بتغيّرات سياسية وميدانية، وهو ما ترفضه دمشق، وتتفهم رفضه موسكو. وجاءت شرارة السجال على لسان مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا، ألكسندر لافرنتييف، الذي شرح، في تصريحات طويلة، عقب لقاء «أستانا»، أسباب عرقلة ملف التطبيع، موضحاً أن دمشق تتمسك بانسحاب القوات التركية، وأن أنقرة تتصرف كأنها «دولة احتلال»، في إشارة إلى وجود رفض روسي مبطّن لتلك السياسة، التي تتعارض مع الغزل التركي المتواصل لدمشق.
التطبيع بين أنقرة – دمشق يدخل في دوّامة جديدة
وإذ تزامن انعقاد لقاء «أستانا»، والتصريحات الروسية التي تبعته، مع فوز دونالد ترامب بالانتخابات الأميركية، فقد فتح ذلك الباب أمام تركيا لشنّ حملة إعلامية ضاغطة على سوريا، أملاً بتجاوز مسألة الوجود العسكري التركي غير الشرعي، وفتح الباب أمام اللاجئين السوريين الذين تحاول أنقرة التخلص من عبئهم، وتنظيم حملة عسكرية مشتركة مع دمشق لإنهاء «الإدارة الذاتية».
اقرأ أيضا:الشمال السوري على عتبة الانفجار … تركيا تسعى لتشكيل مرجعية موحّدة للمسلحين
وفي هذا السياق، انضمّ وزير الخارجية التركي، حاقان فيدان، بدوره، إلى جوقة التصريحات التي قادها الرئيس رجب طيب إردوغان، ووزير دفاعه يشار غولر، لافتاً، في تصريحات إلى قناة «A Haber» التركية، إلى أن إردوغان «أعلن عن إرادته على أعلى مستوى، وهذا النوع من التصريحات الصادرة عن زعيم في دولة ديموقراطية يُعدّ أمراً قيّماً للغاية».
تغيير لقواعد اللعبة
ورأى أن خطوة إردوغان تلك كانت «بمثابة تغيير لقواعد اللعبة. ففي لحظة غير متوقعة، قال رئيس جمهوريتنا: لقد سمحت لفريقي بالتواصل معكم. لسنوات كانوا يجرون لقاءات مع فريقكم. يلتقون مع الإيرانيين، ويتواصلون مع الروس، المخابرات تلتقي، العسكريون يلتقون، الدبلوماسيون يلتقون، الجميع يشاركون في هذه العمليات»،
متسائلاً: «لكن في النهاية، ما هي النتيجة؟ لا يتم تحقيق أيّ تقدم في بعض المواضيع. إذاً، لماذا لا نجلس معاً، نحن أصحاب القرار، ونحلّ المشكلة». وأضاف: «قاد الرئيس بنفسه عملية أستانا بالتعاون مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اجتمع ثلاثة قادة: إيران، تركيا وروسيا، وبدأوا عملية شاملة. على مدى سنوات، عملنا على تعزيز هذا الإطار، وفي النقطة التي وصلنا إليها الآن، تجمّد الصراع الداخلي في سوريا».
اقرأ أيضا:دمشق ــ أنقرة: إذابة الجليد جارية
وفي محاولة لحرف سياق المشكلة التي تسببت بعرقلة التطبيع، أي سحب القوات التركية، أشار فيدان إلى المسألة الإنسانية، وحمّل الحكومة السورية مسؤوليتها. وقال إن «هناك مسألة أساسية: لقد تحدثتُ مع إخوتنا العرب الذين قاموا بدور مؤثّر في إعادة سوريا إلى الجامعة العربية.
يجب على الحكومة السورية الآن أن تتخذ قراراً بشأن إعادة نحو 10 ملايين سوري يعيشون في الخارج إلى وطنهم». وأضاف، في تناغم مع محاولة كل من إردوغان وغولر استثمار الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا، أن دمشق «تواجه تأثيرات التوسع الإسرائيلي في المنطقة بشكل لم يسبق له مثيل».
وفي رد غير مباشر على تصريحات لافرنتييف، قال وزير الخارجية التركي: «لا أعتقد ولا أرى أن الروس سيمارسون ضغوطاً كبيرة على دمشق لاتخاذ هذه الخطوات. وبصراحة، يبدو أنهم محايدون بعض الشيء بشأن هذه القضية». وأضاف أنه «إذا أرادت الحكومة السورية اتخاذ خطوات بشأن بعض القضايا الحاسمة، فلا أعتقد أن الروس سيقولون لا».
أيضاً، أفرد فيدان مساحة واسعة للحديث عن ترامب، والسياسة الأميركية المتوقعة في سوريا، مشيراً إلى أن إردوغان يتمتع بعلاقة شخصية قوية مع الرئيس المنتخب، قائلاً: «لا أعتقد أنه ستكون هناك مشكلة كبيرة (مع الولايات المتحدة)، أي أنه لن تكون لدينا أي مشاكل في فهم الحكومة ورؤية ردود أفعالها». وأضاف: «نحن نتّبع استراتيجية تهدف إلى القضاء على قدرات التهديد قبل أن يظهر على حدودنا.
سنستمر في العمل على هذا النهج. مشكلتنا الأولى مع الولايات المتحدة هي مكافحة الإرهاب، وقد أدرك حلفاؤنا في المنطقة مدى جدّيتنا»، على حدّ تعبيره.
الاخبار
صفحة الفيس بوك:https://www.facebook.com/narampress?locale=ar_AR