التعاطي الحكومة مع الناس وقصة الراعي الكذاب
دمشق..
تعج مواقع التواصل الاجتماعي بالمنشورات التي تدعو لمقاطعة الكثير من المواد بسبب زيادة الأسعار التي يجمع كل الناس على عدم أحقيتها. نستطيع تفهم ما وصلت إليه حال الناس التي توجع الحجر وسط صمت حكومي مطبق. فالقوة الشرائية لأغلب المواطنين أضحت منعدمة، وما يستطيع السوري شراءه هذا الشهر سيعجز عن شرائه الشهر المقبل. الكثير من المواطنين يسكنه اليأس ولا يبدو عليه أي ثقة ببارقة أمل في المستقبل القريب تنشله من الواقع الذي يزداد مرارة.
لا شك أن ظروف الحرب والحصار أثقلت كاهل المواطن المتعب، إلا أن تداعيات الأزمة الاقتصادية الأخيرة التي عصفت بالاقتصاد العالمي ستُجهز على ما تبقى من عزيمة وصبر دأب أغلب السوريين على التحلي بهما خلال العقد المنصرم. وما يزيد الطين بلة أن الفجوة بين المواطن والحكومة تتسع والثقة أضحت بحكم المفقودة، ففي الأيام التي كانت الحكومة تمتلك زمام المبادرة وتمتلك القوى والمقدرة الاقتصادية على التحرك لم يكن الأداء الحكومي يرقى إلى مستوى تضحيات الناس على اختلاف مواقعهم، هؤلاء الناس الذين دفعوا الغالي والنفيس ولم يعد لديهم مطالب من الحكومة إلا أن تصدقهم القول وتكون قريبة منهم تشاركهم همومهم أو على الأقل تدرك حقيقة أحوالهم المزرية.
تذكرني قصة التعاطي الحكومي مع الناس بقصة الراعي والذئب،” إذ دأب الراعي على الادعاء بأن الذئب سيهاجم القطيع طالباً من الناس النجدة والمساعدة لينطلق أهالي القرية ملبين نداء الراعي ليتضح لهم بأنه لم يكن ذئب والراعي على ما يبدو يعرف ذلك، وتتكرر الحادثة ذاتها عدة مرات والناس يهرعون للمساعدة لكنهم يتفاجؤون بأن الذئب ليس موجوداً، بعدها بعدة أيام يظهر الذئب فجأة ويبدأ الراعي بالصراخ بأعلى صوته مستنجداً بأن الذئب الشرس هاجم القطيع وسيفتك به إن لم يحصل على المساعدة إلا أن لا أحداً من أبناء القرية اكترث بما يقوله”. قد يأتي يوم وقد نراه قريباً وسيظهر الفريق الحكومي وقد كاشف الناس بالكثير من الحقائق التي لم يعتادوا على سماعها وقد تكون كلها حقيقية ودقيقة، ولكن الناس عندها لن يصدقوا هذا الكلام أو على الأقل سيشككوا به لأنهم ما اعتادوا أبداً سماع المسميات بأسمائها من حكومتهم وفريقها المعني بشؤون المواطن الخدماتية، إذ أن أغلب خطابات المسؤولين يبدو عليها الجهل التام بأحوال المواطنين.
من يعلم حقيقة مآل الكثير من المواطنين الذين لا يمتلكون حتى كفاف العيش، يحتار كيف يمكن له أن يخاطبهم وماذا يمكن أن يطلب منهم وكيف له أن يهديء من آلامهم، وبالعودة إلى فكرة مقاطعة المنتجات واقع حال السوريين يقول قاطعوا كل شيء فلم يعد بالإمكان شراء شيء على الإطلاق. من عنده غير ذلك فليفيدنا بما عنده. باسم الكثير من المواطنين الشرفاء نقول لا حول ولا قوة إلا بالله، والله يعين الناس ويفرج أحوالن.