اخترنا لكمتقارير خاصة

التعليم الأساسي تحول إلى حلبة رهان ومقامرة

دمشق..
مرحلة التعليم الأساسي في أغلب الدول مجانية وإلزامية، وتعتبر حق للطفل وهذا الأمر يدركه كثير من مسؤولي التربية في بلدنا. في كثير من دول العالم الغربي لايحتاج التلميذ إلى اختبارات دائمة وضاغطه وتقييم مستمر وامتحانات ومذاكرات وتسميعات وتوبيخات وملاحظات عن تقصيره في الدرس، لأن الهدف هو تعليم الطفل المهارات والاساسيات التي يحتاجها وتساعده في حياته وتكون عونا لأهله في تربيته الحياتية ومساعدته للانطلاق والاندماج مع الحياة العملية والواقع.

لن نتكلم هنا عن حجم الضغط المطبق على كاهل التلميذ من قبل المدرسة والمجتمع والأهل، إذ أن الأمر يبدو وكأننا في حلبة رهان ومقامرة يتنافس فيها أطفالنا ونصرخ عليهم ونشجعهم للوصول إلى النهاية غير آبهين بمشاعرهم ونفسياتهم.

استوقفني أمس موقف لطفلة وقد بدا عليها الانزعاج لأنها لم تحصل على العلامة الكاملة، وكان السبب جوابها لجمع كلمة موجة، إذ كتبت التلميذة ذات السبعة أعوام أن جمع كلمة موجة موجات، إلا أن الكتاب المقدس للمعلمة يتضمن كلمة أمواج ولا يوجد ذكر لكلمة موجات. الغريب أن المنهاج نفسه يذكر أن الاسم الذي ينتهي بتاء مربوطة يجمع جمع مؤنث سالم. ولكن يبدو أن نهج دفن الرأس بالرمال وملكة انعدام المحاكمة ليست حكرا على الفريق الحكومي الخدمي وإنما أضحت جزءا من حياتنا ولبستنا جميعا.

ماهذا بحق السماء، ماذا يمكننا أن نقول، وكيف يمكن لنا أن نأمل بتحرير العقل وإطلاق الطاقات وأطفالنا يعيشون الهزيمة والخيبات كل يوم.
المدارس والتربية والطاقم المسؤول عن التربية والتعليم بحاجة إلى تأهيل حقيقي، وهذا لن يكلف الكثير ، إذ أن بضعة تعاميم في السنة تحض على مراعاة نفسية الطفل لن تكلف التربية كثيراً. وإرسال رسالة – بأن الجواب الذي يشاركه الطفل يمكن أن يكون صحيحا حتى لو لم يذكر في المحلول المقدس للمعلمة – يجب أن يكون مفهوما لكل المعلمين العاملين في سلك التربية.

الله يعين الأطفال وأهلن، إن كان أغلب مسؤولينا لا يحسنون القراءة النحوية الصحيحة فلماذا نطلب من أطفالنا أن يكونوا أدباء وشعراء وفطاحل لغة وهناك من تخرج من جامعاتنا وهو لا يجيد الكتابة.
إن وزارة التربية مطالبة أكثر من غيرها للعمل على زرع خصال الهدوء والرزينة والمرونة في جيل الأطفال، وهذا لن يتم في ظل ظروف المنافسة المبالغ فيها بين أطفالنا. التشجيع شيء والسباقات شيء، من يرى كيف يتكلم مدراء المدارس والأساتذة عن ضرورة التفوق يعتقد بأن من يدير مؤسسات البلد كان متفوقا.

كفانا ركضا وراء سراب سيفرغ البلد من كوادره، وسيبني جيلا مهزوما لأنه اعتاد على شيء واحد هو إما أن يصنف على أنه متفوق أو لا (غير متفوق). إن كان هذا ما نريده فلتعلموا أن هذا الذي صنف “لا” سيبقى محبطا كل حياته.

A2Zsyria

Visited 7 times, 1 visit(s) today