سيليكونياتعبي بالخرجمش عيب

الحكومة الالكترونية وبعد عقدين من الشعارات والخطط الحكومية لم ترتق لمستوى الأرشفة الألكترونية

لا زلت أتذكر أواخر العقد الأخير من القرن الماضي عندما كان الإعلام يطربنا بموشحات الثورة الرقمية لنستيقظ على وقع المؤتمرات الحكومية التي تكثر فيها شعارات التحديث والتطوير وتتصدرها عبارات ومصطلحات خارقة و رنانة (آنذاك) من قبيل الحكومة الالكترونية والتجارة الالكترونية. ليبدأ نشاط حكومي إعلامي غير مسبوق يستنفر جميع المؤسسات والوزارات والهيئات والمنظمات لتناول الموضوع بحيث أضحى موضوع الحكومة الالكترونية من أكثر المواضيع التي كانت تتصدر عاوين المؤتمرات في أغلب النقابات الفاعلة والمؤتمرات العلمية التي ترعاها الوزارات أو الهيئات العلمية ناهيك عن مؤسسات الدعم الخارجية من قبيل منح وتمويلات الاتحاد الأوربي والمنظمات الدولية والعربية الاخرى ذات الصلة. والآن وبعد مايزيد عن العشرين عاماً لا زلنا بعيدين كثيراُ عن مفهوم الحكومة الالكترونية. سيقول الكثيرون بأن الحرب والحصار الظالم هو الحائل الأول دون وصولنا إلى تحقيق إنجاز حقيقي في هذا الشأن. ولكن الحقيقة ليست بهذه الصورة كلياُ، بالتأكيد الحرب والحصار واستنزاف البلد أثر كثيراً على العديد من الخطط والمشاريع الاستثمارية والخدماتية والمعاشية ولكن هذا لا يمنع أن نعترف بأن هناك استهتار وتغييب لإرادة العمل والتطور. والموضوع هنا مطوح للمناقشة ويحتاج إلى عدة وقفات للإضاءة عليه.

سأحاول طرح بعض الأسئلة التي قد تساعد حاملي ألوية الشعارات الرنانة التريث قليلا عن الاستهتار بنا كمواطنيين، والتعامل معنا بعقل منفتح أو على الأقل ليحترموا أنفسهم قليلاً عندما يصرون على الاستمرار بنهج الاستغباء الذي لا ينفع أحداً. هل لأحد ما أن يجيب لماذا لم تستطع أي حكومة إى الآن أن تحول أي معاملة ولو بسيطة للمواطنين إلى معاملة الكترونية يمكن للمراجع أو المواطن أن يقوم بملأ الاستمارة من منزله عن طيق كمبيوتره الخاص أو جهازه المحمول. هل يعتقد جهابزة المعلوماتية في الحكومة ان الموضوع يحتاج إلى إمكانيات خارقة. لا أعلم مالحكمة من الإصرار على ضرورة مراجعة المواطن لمراكز خدمة المواطن لكي يقوم بطلب خدمة ما. إن كان الام لاعتبارات خاصة تتعلق بشي ما له خلفية بمصلحة البلد وامنه يمكن وببساطة لحظ الأمر حتى الكترونياً. لا أعتقد أن من يريد مثلاً أن يتقدم للحصول على خدمة بسيطة يجب أن يحضر شخصياُ إلى الدائرة المعنية لطلبها. إن كان الأمر له علاقة بدفع الرسوم المستحقة أعتقد أنه يمكن استدراك الأمر أيضاُ ولحظه واعتماد صيغة مناسبة وقابلة للتطبيق (إن كان ثمة من إرادة حقيقية لاعتمادها). لا أعلم أيضاً ماهو سبب الإصرار على الورقيات في كل معاملة بسيطة، ألا يدرك الكثير من مسؤولينا الصناديد أن المعاملات الورقية في كثير من الدول (بمن فيها الدول النامية) أصبحت قليلة، وأن الدول تعتمد على تبادل البيانات بطريقة رقمية دون حاجة لثبوتيات ومجلدات ضخمة لحفظها. أنا لا أقول هنا بضرورة الاستغناء عنها كلياً ولكن أقل ما يمكن أن يستطيع مواطن يرغب بالحصول على خدمة بسيطة تقديم الطلب دون الرجوع إلى الكولبة وتعبئة الطلب بالقلم. يؤسفني جداً أن أرى ونحن في العام 2020 مواطن يرغب بالحصول على خدمة الآي دي أس أل مثلاُ ليطلب منه مراجعة مؤسسة الاتصالات ليقوم بتعبئة الاستمارة الخاصة وإجراء ما يلزم بغية تفعيل الخدمة لاحقاً. لا أعلم لمصلحة من تقوقعنا وانكفاؤنا على انفسنا بهذه الطريقة. انظروا إلى مراجعي دواثر النفوس واسألوا موظفيها كم هم سعداء بالازدحام غير المبرر للحصول على أوراق ثبوتية، ألا توجد طريقة تمكن طالب الوثيقة من الحصول عليها بطريقة أسلس.

الخدمات الالكترونية هي مطلب جماهيري قبل أن تكون شعار حكومي، لا أعلم إلى متي يمكن للمواطن أن ينتظر لكي يتمكن من تقديم طلب الكترونيا للحصول على خدمة ما. إن كان من يعتقد أن الامر كيمياء ومعقد وعصي على الفهم للمواطنيين أقول لهم جربوا الأمر في بعض المؤسسات واتركوه اختيارياً لمن يود وتعلموا من أخطاء التطبيق قبل تعميمه على باقي المؤسسات. إن كانت العقبة في ذلك هي العقلية الحكومية الخدماتية التي تتبع نهج السلحفاة في كل شيء فهذا أمر يجب أن يسحب منهم ويعطي لهيئة خدماتية ترى بتطبيقه مصلحة البلد والمواطن. للحديث تتمة

Visited 10 times, 1 visit(s) today