اخترنا لكمعرب وغرب

الخلافات العربية التي لم تستطع أن تخرج من عباءة داحس والغبراء

كنت أعتقد أن معارك فخر العرب الخالدة في الجاهلية من قبيل البسوس وداحس والغبراء تنتابها الغرابة وصعوبة تصديق الأسباب التي كنت أعتقد أنها تافهة. تلك الحروب التي أكلت بنيرانها عشرات الآلاف من أبناء القبائل العربية المتناحرة  لم تنته كما كنا نعتقد. فالتاريخ الجاهلي والإسلامي والحديث والمعاصر ينضح بالعديد من معارك الشرف التي لا تختلف كثيراً عن عزة الامة  في داحس والغبراء قبل ما يزيد على 1500 عام.

التاريخ يكرر نفسه و هذه المرة في العام 2020 للميلاد، حيث يتناطح  من يتربع على رأس المال العربي (حتى بداية عصر الكورونا) بممثليه السعودي والقطري للظفر بشراء نادي نيوكاسل الإنكليزي. لتبدأ معركة استنفار الصناديق السيادية وشحذ الاحتياطات النقدية وتجنيد الإغراءات المالية ناهيك عن إغداق الصفقات المالية بين داحس ممثلة بقطر والغبراء ممثلة بالسعودية (يا لمحاسن الصدف التذكير والتأنيث ملائم جداً). بدأت الغيرة تدب في خاطر أبناء الغبراء – الذين لا يشق لهم غبار في سرعة دفع ما يطلب منهم (ولكم ان تتذكروا كم كان دفعهم سخياً  يوم  باركهم ترامب بزيارته) – من أبناء داحس الذين لم يوفروا فرصة ليثبتوا بأن ما تدفعه داحس بالدقيقة لم تصل لقيمته الغبراء أبداً (ولكم أن تتذكروا كم دفعوا لترامب في بضع دقائق).

بدأت الماكينات  الإعلامية لكل من مؤيدي داحس وغبراء القرن الحادي والعشرين بالإغارة على بعضهم البعض حيث لم يوفروا شتيمة بحق بعضهم، واستحضروا أفجر الخلق واستنفروا أعتى الهجاة واستأجوا أعتى الإعلاميين للتهاوش المهين. وعلت أصوات الناعقين من كلا الجانبين مطالبة بالثأر تارة وبالقصاص تارة أخرى، غير آبهة بما يحدث للاقتصاد العالمي وفي مقدمته اقتصاداتهم التي تبدو أنها قد تتأثر على المدى المتوسط والبعيد اكثر من غيرها. لا تزال المعركة مستمرة والتراشق بالمناجيق القذرة لا يزال إلى هذه اللحظة، هدف  هكذا معركة و غاية هكذا استحقاق هو الاستحواذ على اكبر نسبة من نادي نيوكاسل الإنكليزي لكرة القدم. نعم إنها أم المعاك ولم لا …؟؟؟!!!.

قد يقول قائل أنها أموالهم ولهم حق التصرف فيها كما يشاؤون، ونحن لا نقول غير ذلك ولهم بالتأكيد حية التصرف فيها وإغداقها لمن يرونه مناسب لهم أحببنا ذلك أم لا. كنا نتمنى لهم ان يتسابقوا لشراء ورعاية كبريات المؤسسات العلمية أو الشركات المنتجة والتي يمكن ان تقدم خدمات للإنسانية . إن كان الهدف من التسابق هو فقط الدعاية وتحسين السمعة الدولية فلا أعتقد ان هكذا أمر يغير من هشاشة السمعة الدولية التي لا أعتقد أنها تسر كثيراً مشجعي كل من داحس والغبراء.

سننتظر أن ينقشع غبار المعركة التي نأمل أن تنتهي ونحن لا نزال على قيد الحياة. سيخرج إلينا كل يوم عشرات من أحفاد شأس بن زهير الفيسبوكيين والآلاف من العناتر الافتراضيين والعشرات من الولات الدونكيشوتيين الذين بوجودهم لن تنتهي هذه الحرب إلا بيقظة مبكرة للحارث بن عوف المري وهرم بن سنان قبل نفاذ مدخرات كل من داحس وغبراء القرن الحادي والعشرين.

  هامش: إن أردنا أن نكون موضوعيين أعتقد أن كل من داحس وغبراء القرن العشرين لا يمكن مزاحمتهم بحجم الأموال التي يدفعونها لاعتبارات قد يعتبرها الكثيرون مزيجاً من النقص و الغباء والجنون والحماقة والضعف وقلة الحيلة.  

Visited 8 times, 1 visit(s) today