اخترنا لكمالمزيد من آي تو زد سيرياعبي بالخرج

الربط الإلكتروني خطوة ناقصة لهذا السبب

دمشق..
يستمر السجال اليومي القائم بين التجار والصناعيين من جهة، والمكلفين من وزارة المالية بتطبيق نظام الربط الإلكتروني من جهة أخرى، حول رقم العمل الصحيح، حيث لا يقبل المكلف بوضع الرقم الصحيح ويقول: «المالية تحاسبني على حجم مبيعاتي النهائية ولا تنظر إلى حجم المصروفات، فمثال المحروقات أدفع ثمنها بالسعر الحر وتتم محاسبتي بالسعر الرسمي وأنا لا أحصل عليه»، والوصول إلى حل وسط بين الطرفين وتطبيق العدالة في التكليف بعيدا عن العشوائية القائمة حالياً بين التكليفات في السنوات السابقة والحالية هو مطلب الجميع للوصول إلى التكليف الضريبي العادل.

الأستاذ الجامعي والخبير بالضرائب الدكتور مدين الضابط أكد في تصريح لصحيفة «الوطن» أن الإصلاح المالي نقطة الانطلاق في عملية الإصلاح الاقتصادي سواء على صعيد الإنفاق العام بشقيه الجاري والاستثماري، أم على صعيد الموارد وفي مقدمتها الموارد الضريبية بشقيها المباشرة وغير المباشرة، لكن للأسف وزارة المالية تعمل في مجال الإصلاح الضريبي ضربات متفرقة لا تؤدي إلى الإصلاح المنشود.

واعتبر الضابط أن الربط الإلكتروني الذي تعمل عليه الوزارة موجود في جميع دول العالم، وخاصة الأنظمة الضريبية المتطورة، وهو جزء من عملية الاستعلام الدقيق عن الضرائب والوصول إلى الالتزامات الضريبية الصحيحة، لكنه يعتبر خطوة ناقصة وجزئية لا يمكن أن تكتمل من دون الوصول إلى مشروع إصلاح ضريبي متكامل.

وأشار الضابط إلى ضرورة الكشف عن المطارح الضريبية الجديدة والوصول إلى الالتزامات الضريبية الصحيحة المبنية على عامل مهم جداً هو القدرة على الدفع، أي ربط الالتزام بالمقدرة على الدفع، فمن خلال الربط الإلكتروني يتبين بالضبط حجم الأعمال والصفقات والأرباح لكون الواقع اليوم يقول إن هناك صفقات كبيرة جداً تتم من دون أن يعلم بها أحد، ومن دون أن تسدد الضرائب وهذه الحال يجب ألا تستمر.

وبين الضابط أن مشروع الإصلاح الضريبي بحاجة إلى تحسين الاستعلام والتشريع وكفاءة الإدارة الضريبية عموماً، والعمل على تعزيز الثقة والوصول إلى معدلات أعلى من الامتثال الضريبي القائم حالياً، وبحاجة أيضاً إلى النزول إلى الأرض والعمل على ربط إلكتروني فني، وتخفيض المعدلات الضريبية لتعزز المطارح الضريبية الجديدة، وتشجيع المكلف على الالتزام بدلاً من البحث عن مخارج للتهرب الضريبي، وسؤال التاجر أو الصناعي الدائم: هل يعقل أن أدفع ثلث أرباحي ضرائب يجب أن تجد المالية جواباً عليه، وأن يكون الحوار شفافاً بين الإدارة الضريبية والمكلفين والوقوف على هذه المخاوف وتذليلها.

وأشار الضابط إلى أن الأنظمة الضريبية في العالم تعمل على تحويل مفهوم الإكراه في النظام الضريبي إلى مفهوم الالتزام الطوعي من خلال ترغيب المكلفين، وأن يشمل الربط الإلكتروني جميع المكلفين من دون استثناء، داعياً إلى أن يكون الربط عبارة عن جزئية بسيطة من مشروع إصلاح للنظام الضريبي ككل بمقوماته الثلاثة التشريع والإدارة والمكلف، وهذا الكلام قابل للتطبيق وتم الحديث به منذ عشرات الأعوام السابقة ولم ينفذ.

واعتبر أن النظام الضريبي في سورية يحارب لكون الكثير من الصفقات تتم خارج النظام ولا أحد يعلم بها، والخسائر التي تتكبدها الخزينة من جراء تأخر تطبيق نظام ضريبي عادل كبيرة جداً، ويجب أن تكون مرتبطة بنظام فوترة وهو شرط مهم ولا بد من تصحيح عمليات التسعير على صفحة البيان الجمركي وصورة المنتج النهائي، وإذا لم توثق الأسعار فكيف سأوثق المبيعات.

ويرى الخبير أن الاقتصاد غير الرسمي في سورية يصل إلى 70 بالمئة حسب المؤشرات والدراسات، بينما بينت وزارة المالية أن رقم الأعمال الكلي للمتهربين ضريبياً التي لم تدفع عليها الضريبة في عام 2021 بلغ 3200 مليار ليرة سورية، وحوالي 100 مليون دولار، وهؤلاء تقدموا بإقرارات بتهربهم وطلبوا من الوزارة تسوية أوضاعهم، وعندما نتحدث عن مشروع إصلاح ضريبي متكامل ومزايا وإيجابيات عندها ستعزز الخزينة بأضعاف هذه الأرقام المتهربة، مشيراً إلى أن المرسوم التشريعي رقم (8) لعام 2021 المتضمن قانون حماية المستهلك الجديد شدد العقوبات والغرامات على الاحتكار والبيع من دون فاتورة، لكن للأسف لا أحد يلتزم بتداول الفواتير، ومشروع الإصلاح الضريبي مجموعة من الحلقات تتكامل مع بعضها، ونظام الفوترة إحدى أهم هذه الحلقات، وعند تطبيقه فجميع التكاليف ستكون واضحة لكونها ضمن ميزانية تضم دخلاً ومصاريف وأرباحاً، والتجار سيلتزمون بتقديم تحليل بيانات تكلفة وتسعر بناء عليه.

صحيح أن الربط الإلكتروني اتجاه جيد، لكن السؤال هل يمنح تعاملاً متكافئاً بين المكلفين؟ وهل وزارة المالية تأخذ بعين الاعتبار هذه النقطة من الناحية القانونية، وتعمل على تنفيذ العدالة وإلغاء العشوائية القائمة بالتكليف؟ وهل سيتم تعميم الربط على الجميع من دون استثناءات ؟

Visited 22 times, 1 visit(s) today