الزوجان الصيدلانيان نضوة و داود يحصلان على الامتياز 110/110 cum lode من أرفع الجامعات الايطالية
روما-
بأمل كبير وإرادة صلبة وعزيمة لاتلين سافر الزوجان الصيدلانيان حيدرة حليم نضوة ورزان عزالدين داود إلى أوربا لمتابعة تحصيلهما العلمي والأكاديمي. مشوار بدأ منذ سنتين وتكلل بنجاح كبير وتميز ترفع له القبعة، بعد مسيرة حافلة بالعمل الدؤوب والجهد المتفاني لتذليل العقبات ومواجهة التحديات متعددة الأبعاد التي لم تقف عند معاناة الغربة بل تجاوزتها لتشمل تفاصيل الرحلة الشاقة في ظروف كورونا التي كان لإيطاليا النصيب الأكبر في القارة الأوروبية ناهيكم عن ظروف سوريا الضاغطة التي يحمل كل منهما إياها في عقله وضميره. كان لموقع A2Zsyria فرصة اللقاء مع المميزين رزان وحيدرة الذان شاركا موقعنا تجربتهم الغنية والناجحة والمفرحة. نأمل أن تكون هذه التجربة محفزا للشباب السوري على العمل والنجاح رغم التحديات والصعوبات الكبيرة التي تواجه السوريين أينما حلوا.
كانت البداية من جامعة تشرين حيث تفوق الزوجان في دراستهما الجامعية الأولى في كلية الصيدلة بجامعة تشرين، وتابعا دراساتهما العليا في الجامعة إلا أنها لم يكملا دراسة الماجستير لبعض الصعوبات وضعف الامكانيات التي رصدت لتمويل البحث. إذ يقول نضوة تخرجنا من كلية الصيدلة من جامعة تشرين، واجتزنا الامتحان الوطني، وكان ترتيب رزان الثالثة على مستوى سورية، ولم نستطع متابعة تحصيلنا العلمي في سورية لصعوبات مالية ولوجستية بالكلية، فقررنا السفر لمتابعة الدراسة في الخارج، وكان الخيار ايطاليا بعد دراسة وضع الجامعات ومستواها العلمي، وبما يراعي امكانية المعيشة وتكلفة التعليم .
واضاف نضوة سافرنا في السنة الدراسية الاولى على حسابنا، وبمساعدة كبيرة من أهلي وأهل رزان ومن خالي على أمل أن نحصل على منحة دراسية في السنة الدراسية الثانية،لكن للأسف أزمة كورونا أثرت بشكل كبير على إيطاليا من جميع النواحي، وحصلنا على منحة تبادل طلابي في هولندا، إلا أنها ألغيت بسبب قيود السفر التي فرضتها الدول جراء انتشار جائحة كورونا .
وأشار نضوة الى أنه سجل وزوجته رزان لدراسة الماجستير في جامعة سيينا بايطاليا، إذ أنهما رغبا باختيار اختصاص جديد ومطلوب بشكل كبير في أهم مراكز الابحاث حول العالم، إذ اختارا اختصاصاً يجمع بين البرمجة والكيمياء والبيولوجيا، وموضوعه هو ” دراسة المركبات الحيوية والبروتينات وتطبيقاتها بالكيمياء والبيولوجيا، وتطوير الأدوية على الكومبيوتر الذي يندرج تحت موضوع الـ computational chemistry and biology،”. أحد التحديات الكبيرة أثناء الدراسة كان الحاجة إلى دراسة لغة البرمجة الـ python ، إضافة إلى تعلم نظام التشغيل الـ linux، وبجدهما ومثابرتهما الدؤوبة تمكنا من اكتساب الخبرة المطلوبة، إضافة إلى نجاحهما في تسجيل 3 مواد إضافية من فرع ثاني بالجامعة.
ولفت نضوة الى أن موضع البحث غير موجود في سورية إلا على نطاق ضيق وبسيط، و يعتمد على المبادرات الفردية حيث لا يوجد مجموعات بحثية متكاملة تقوم بهذا النوع من البحوث، إذ أن الإمكانيات المتوفرة نجعل من الصعب تطويرواعتماد هكذا أبحاث في سوريا لأنها تستلزم حواسيب ضخمة وعملاقة تسمى clusters وهذا النوع من الحواسيب الخاصة غير موجودة كما أن تكلفتها عالية جدا، وبحاجة إلى ظروف تشغيلية خاصة ووثوقية عالية (إذ أنها بحاجة أن تبقى تعمل على مدار 24 ساعة وهذا الأمر لم يكن متاحاً في ظل ظروف البلد الاخيرة).
وتابع نضوة اشتغلت بالبحث مدة سنة كاملة بالتعاون بين دكتورة من جامعة سيينا ودكتور من جامعة Essex ببريطانيا، أما بالنسبة لرزان فإن بحثها كان بالتعاون بين أستاذين من جامعة سيينا و دكتور من جامعة بيزا Pisa الإيطاليتين. وبعد الانتهاء من العمل البحثي وإعداد الأطروحة تمت مناقشة الاطروحة لكل منا علميا مع دكتورين من دكاترة اللجنة قبل الانتقال إلى الدفاع العلني والنقاش النهائي مع اللجنة كاملة، حيث تم منحنا -بناء على الاطروحة والنقاش العلمي ومعدل امتحاناتنا- العلامة الكاملة مع الامتياز 110/110 cum lode.
وحول الصعوبات التي واجهتنا خلال فترة الدراسة وخاصة من شهر آذار وحتى آخر أيلول من عام 2020 حيث كان الوضع كارثي جراء الكورنا، إذ أن جميع الطلاب الدوليين عادوا إلى بلادهم وكافة الطلاب الايطاليين إلى بلداتهم وبقينا لوحدنا في السكن الطلابي مع بضعة أشخاص، وكنا نعمل أون لاين. لم تقتصر الامور على ذلك بل تعدتها لتشمل شلل تام أدى إلى توقف العمل الجانبي (المساعد لنا في معيشتنا ودراستنا بعد أوقات الدراسة) الأمر الذي أدى إلى توقف جميع فرص الطلاب بالعمل الإضافي بسبب الحجروإجراءاته والقرارات المرافقة التي كانت حازمة جداً وتمنع بشكل صريح الخروج إلا لجلب الحاجات الضرورية، إذ لا زلت أتذكر أنني كنت أحيانا انتظر 4 ساعات لدخول السوبرماركت لأتمكن من شراء حاجاتنا الأساسية.
وحول الية التغلب على الضغط النفسي نتيجة هذه الصعوبات بين نضوة ان الضغوط كانت كبيرة لكن بالمقابل كانت المساعدة التي نتلقاها تخفف من هذه الضغوط، وخاصة من قبل أساتذة الجامعة حيث كانوا يعرضون المساعدة بشكل مستمر بالاضافة الى الأصدقاء السوريين في المغترب و عائلة الدكتور فداء صبيح في بولونيا وخالي فادي شعبان بسوريا.
وأشارد. نضوة الى رغبتهما الكبيرة بمتابعة التحصيل العلمي للحصول على شهادة الدكتوراه لما لها من أهمية لتعزيز البحث وتعزيز ماتم إنجازه في الماجستير، حيث تم مراسلة العيدي من الجامعات وأنهما الآن في مرحلة انتظار النتائج التي يتوقع أن تظهر في غضون اسبوعين من الآن.
وفي سؤال حول الفرق بالامكانيات بين الجامعات الايطالية والجامعات السورية أشار نضوة الى أن الفرق كبير من جهة الدعم المالي والمبالغ المالية التي تخصص لدعم البحث العلمي (الذي يشمل كافة مستلزمات البحث ومتطلبات طالب البحث )، أما نالنسبة لمستوى الطلاب والدكاترة فهو متقارب بين الدولتين، والدليل أن معظم الدكاترة بسوريا تخرجوا من أرقى الجامعات الاوروبية وكانو من المتميزين جدا بمجالات عملهم، وحتى الآن يوجد في سوريا الكثير من المتميزين والمبدعين لكن للأسف محدودين ومقيدين بنقص الإمكانيات والدعم المالي.
واعتبر نضوة أن التجربة التي قام بها هو وزوجته رغم أنها متعبة جداً ومرهقة إلا أنها جميلة جداً وتجربة غنية وناجحة على جميع الأصعدة الشخصية والاجتماعية و النفسية والعلمية . وأضاف نضوة ” رسالتي إلى جميع من يحب طلب العلم عدم اليأس وعدم تعميم تجارب الآخرين.. كل شخص هو حالة خاصة فريدة لا تشبه أحدا آخر.. ادرس ظروفك وقدراتك والمعطيات التي عندك، وعلى أساسها اختر الطريق الذي تريده ولابد من الإيمان بثقتك وامكانياتك وبرب العالمين، وبالإصرار والصبر سوف تحقق النجاح الي بدك ياه وسوف تصل للنجاح.”
إن موقع A2Zsyria يتقدم بالتهنئة القلبية للدكتور حيدرة والدكتورة رزان على حضورهم الجميل وتفوقهم، ويشكر لهم قبولهم مشاركة تجربتهم المميزة والناجحة مع متابعينا الكرام، سائلين الله لهم الخير والتوفيق في مسيرتهم العلمية والمهنية. كنا ولانزال وسنبقى في موقعنا المتواضع نبحث عما يزرع الفرح والسعادة والأمل في قلوب السوريين ونفوسهم التي أثقلتها الهموم وهي في شوق كبير لسماع خبر مفرح.
ما شهدناه من تفاعل من أصدقاء رزان وحيدرة على صفحتهما الشخصية على الفيسبوك يشير إلى مدى الحب والفرح والتفاعل الذي أججه نجاحهم الكبير في نفوس محبيهم ومتابعيهم.
سوريا والسوريين في أمس الحاجة إلى هكذا عينات وتحديدا في هذه الأيام، فزراعة الأمل وتعزيز إرادة النجاح مع تشجيع الأهل هو السلاح السري الذي رافق رزان وحيدرة في رحلتهما المميزة.
A2Zsyria