العدالة الانتقالية في سوريا: الخيار الأفضل لتبريد الدماء بعد الاتفاق على تعريف الضحية
خاص-
يعد ملف العدالة الانتقالية في سوريا أحد أهم الملفات التي ينبغي العمل عليها بعناية لضمان تحقيق الاستقرار، وجذب الاستثمارات، ومنع عودة الأنظمة الاستبدادية. كما أنه ضروري لجبر الضرر، وتمييز الضحايا عن الجلادين، مما يساعد في تعويض المتضررين وضمان عدم وقوع انتهاكات جديدة.
ويكمن أحد التحديات الكبرى في تنفيذ العدالة الانتقالية في سوريا في الاتفاق على تعريف الضحية والجلاد وتحديد الفترة الزمنية التي ستشملها العدالة الانتقالية. هل سيتم تطبيقها على: السنوات العشر السابقة؟ أم منذ بداية الأزمة السورية؟ أم منذ عهد بشار الأسد؟ أم منذ استقلال سوريا؟ وهل ستشمل جميع الأطراف بمن فيهم الأطراف الدولية والجماعات المسلحة الخارجة عن القانون ومن هي الضحية المقصودة هل هي من جميع أطراف النزاع أم من طرف واحد هل التي تعرضت لأذى جسدي وفقدت حياتهم أم من تعرض لخسارة مادية وأذى نفسي أم كل ماسبق.
العدالة الانتقالية في سوريا
كذلك من أهم التحديات التي يجب الوقوف عندها ، يجب توضيح مفهوم “الضحية”، الذي قد يشمل المعتقلين السياسيين، والمدنيين الذين سقطوا جراء القصف أو التفجيرات، أو حتى الذين أُجبروا على الخدمة العسكرية وفقدوا حياتهم في المقابل أو أصبحوا معاقين، وينبغي تحديد المسؤولية الجنائية للفاعلين في جميع الجهات، سواء كانوا من النظام وعلى رأسهم المخلوع وزوجته و100 شخصة المقربة منه، المجموعات المسلحة، الدول الأجنبية ومرتزقتها، ورجال الأعمال، المؤثرين، وحتى بعض الشخصيات الحكومية والأكاديمية التي لعبت دورًا في تفاقم الأوضاع وهنا الضحية يجب ان تكون من قبل الجميع وليس المنتصر فقط.
ويجب أن تستند العدالة الانتقالية إلى أربع ركائز رئيسية:الحقيقة والمصالحة و كشف الحقائق وتوثيق الجرائم لضمان عدم تكرارها.
وجبر الضرر والتعويض – ضمان تعويض المتضررين وإنصافهم ولو أن هذا الملف شائك ومعقد كون البلد منهكة ولا يوجد فلوس للتعويض .
تعريف الضحية والجلاد
وتخليد الذكرى والإصلاح المؤسسي – ضمان عدم إعادة إنتاج الممارسات الاستبدادية ضمن مؤسسات الدولة وهنا السؤال الهام الذكرى لجميع الضحايا أم لضحايا التعذيب فقط .والمحاكمات والمحاسبة – تحقيق العدالة القضائية دون الانتقام وهذا الملف يحتاج أولا إلى تعريف الضحية ومن تشمل.
القوانين السورية الحالية غير كافية لتحقيق عدالة انتقالية فعلية، حيث لا تقدم تعريفًا واضحًا لمفهوم الضحية، ولا تحتوي على إجراءات لحمايته. كما أن سوريا ليست طرفًا في اتفاقية روما، مما يجعل اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية محدودًا. بدلاً من ذلك، يمكن إنشاء محاكم خاصة لضمان المساءلة، مع مراعاة التحديات المتعلقة بالتكاليف والفعالية.
أيضًا، العدالة لا تعني الانتقام؛ بل يجب أن توازن بين المحاسبة والعفو ضمن نهج إصلاحي شامل، حيث يمكن استخدام العفو كإحدى أدوات المصالحة شرط أن يكون مدروسًا وبما لا يكرس الإفلات من العقاب.
اقرأ أيضا:اانطلاق «العدالة التصالحية»: ليس بالعفو وحده تُطوى المأساة
ويتطلب تحقيق العدالة الانتقالية في سوريا شراكة كاملة بين الحكومة والمنظمات الدولية والمجتمع المدني لضمان نجاحها. كما يجب أن تترافق مع إعادة بناء المؤسسات لضمان أن تكون أكثر شفافية وكفاءة وخالية من الفساد.
إن بناء نظام سياسي جديد يستند إلى مبادئ العدالة الانتقالية يضمن أن تكون سوريا قادرة على الخروج من أزمتها التاريخية، وإعادة تأسيس عقد اجتماعي جديد يعترف بحقوق كل فرد، بما في ذلك الحق في معرفة الحقيقة، وجبر الضرر، والمساءلة، والمصالحة المجتمعية.
إعادة انتاج أنظمة استبدادية
إن العدالة الانتقالية في سوريا ليست مجرد إجراءات قانونية، بل هي عملية شاملة تهدف إلى تحقيق الإنصاف والاستقرار، وتجنيب البلاد دوامة العنف مجددًا وتمجيد السلطة ورسالة إلى من هم في السلطة أن القانون فوق رأسكم .
والخيار الأفضل لسوريا من وجهة نظري هو اعتماد نهج يجمع بين الحقيقة والمصارحة والاعتراف بالذنب والمحاسبة على قدر الذنب من جهة، والتسامح والمصالحة من جهة أخرى، والتشجيع على الاعتراف بأن الموت قدر مكتوب وقبول الاعتذار والتسامح ، لضمان عدم إعادة إنتاج الانتهاكات من جديد وبدء دورة عنف جديدة وتبادل الأدوار بين الجلاد الضحية من جهة أخرى، وفتح صفحة جديدة نحو مستقبل أكثر إنصافًا وعدالة.
A2Zsyria
صفحة الفيس بوك:https://www.facebook.com/narampress?locale=ar_AR