المسؤول والدجاجة التي تبيض ذهباً
لفت انتباهي أمس ما تناقلته بعض الأوساط الإعلامية السورية من استقالة بعض أعضاء مجلس إدارة أكبر شركتي اتصالات في سوريا. من يتمعن بالأسماء يلحظ بسرعة أن غالبية الأسماء مألوفة ويمكنه ببساطة أن يدرك أنهم كانوا مسؤولين سابقين وبمستويات عليا كوزراء يحملون حقائب اقتصادية هامة كالاتصالات والاقتصاد.
بالتأكيد لا نملك حق الاعتراض على قرار القطاع الخاص في اختيار من يراه مناسباً وكفوءاً لتسيير شركاته وأعماله وزيادة أرباحه. ولكن وجود أغلب مسؤولي الصف الأول من الوزراء السابقين في أهم المؤسسات الخاصة يطرح عدة تساؤلات مشروعة عن توافق محاسن الصدف لتجمع هؤلاء معاً، حيث التعويضات الكبيرة والمزايا الوفيرة.
يستحضرني الآن ما حدث مثلاً في الجامعات الخاصة، إذ يتربع على إدارة أغلبها وزراء سابقون منهم وزراء تعليم عالي سابقون أو رؤساء جامعات سابقون. طبعاً لا نتوقع ان يتم تعيين مهندس فني رئيساً لجامعة خاصة، ولا أستاذ مدرسة مديراً لشركة إنتاجية. ما يخطر على البال هو سؤال واحد فقط يتعلق بالكفاءة وحسن الإدارة التي لم نجدها في كثير من وزرائنا الحاليين والسابقين. لقد كان أداء بعض الوزرات في عهد بعض الوزراء – الذين يتبوؤون مناصب مميزة في القطاع الخاص – متواضعاً لا يتعدى مستوى تسيير الأمور في أحسن حالاته. لا أعلم حقيقة لماذا يمكن لهكذا مسؤول أن ينجح في مؤسسة خاصة بينما لم يسعفه الحظ أو الظروف في العمل العام، وكيف لمن لم يستطع إدارة مؤسسة عامة بنجاح أن يفلح بتسيير وتطوير مؤسسة قطاع خاص، وكيف لمدير مؤسسة عامة خاسرة أن يعين في مؤسسة خاصة ويزيد من أرباحها.
قد تكون هناك اعتبارات خاصة في التعيين تتعلق بعلاقات الوزير السابق ونفوذه في الوزارة وهذا شي طبيعي قد يوفر على المنشأة الخاصة الكثير من التعقيدات والمشاكل التي يمكن للوزير السابق الذي تم تعيينه فيها من المساعدة في إنجازها. للأسف هناك الكثير من الأمور في سوريا تفتقد للشفافية وينتابها الغموض وتطرح تساؤلات لكثير من الناس والمهتمين بالشأن العام. كثير من الناس يرى في العديد من المسؤولين الحاليين والمكلفين بإدارة بعض المؤسسات والوزارت يفتقدون للكثير من الملكات البسيطة في الإدارة وطريقة العمل ولهم ملاحظات جمة على منهجهم في التخطيط والتنفيذ، ما سيوجعهم هو رؤيتهم بعد إعفائهم من مهامهم الرسمية يعتلون صهوة إدارة أهم المؤسسات الاقتصادية الخاصة وكأن طريقة عملهم الحكومية لا يشق لها غبار. نأمل ألا يكون الغزل بين القطاع الخاص والمسؤولين على حساب مصالح الناس لا لشيء إلا لإيماننا بدور القطاع الخاص الحيوي والهام في التنمية والمساعدة في تامين احتياجات المواطن ودعم الاقتصاد الوطني.
لا شك أن هناك مسؤولين أثبتوا جدارتهم وهم على مستوى من الكفاءة، ولو كان أغلب مسؤولينا على هذه الشاكلة لما وصلنا إلى ما وصنا إليه، أقله من ناحية شعور الكثير من المواطنين بأن كثير من المكلفين بخدمة المواطنون يفتقدون لأبسط مقومات النجاح والكفاءة. سوريا بحاجة لكل شخص ناجح كفوء وغيور ومحب ليس في القطاع العام فقط بل أيضاً في القطاع الخاص.