بيدرسون يُصحّي مبادرته: «خطوة مقابل خطوة» قابلةٌ للحياة
دمشق..
بعد نحو سبعة أشهر من تعثّر خطّته التي كان يسعى من خلالها إلى إحداث تَحوّل في آلية الحلّ السياسي في سوريا، عبر تقديم تسهيلات اقتصادية للحكومة السورية في مقابل قيام الأخيرة بخطوات محدَّدة، يسعى المبعوث الأممي، غير بيدرسون، مرّة أخرى، إلى إحياء هذه الخطة، مستثمراً في التقارب السوري – التركي المدفوع من روسيا وإيران. وخلال اجتماع على مستوى وزراء الخارجية لدول «مسار أستانا» عُقد في نيويورك على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، شارك بيدرسون في بعض أجزائه، أعاد الرجل الحديث عن مقاربته المُسمّاة «خطوة مقابل خطوة»، معتبراً إيّاها البوّابة الأنسب لتحقيق تقدُّم في المسار السياسي المتعثّر، وهو ما قوبل، على ما يبدو، هذه المرّة، بترحيب مبدئي من قِبَل أطراف «أستانا». ورأى بيدرسون، الذي استغلّ وجود عدد كبير من مسؤولي الدول الفاعلة في الملفّ السوري في نيويورك، أن الظروف الحالية قد تكون أكثر ملاءمة لإحياء مبادرته، خصوصاً بعد صدور تقرير أممي حذّر من انفجار الوضع مجدّداً في سوريا، في ظلّ تنامي حالات العنف، وفق ما أفادت به مصادر مطّلعة «الأخبار».
وكانت مقاربة المبعوث الدولي، والتي استوحاها بالأساس من دراسة نشرها مركز «كارتر» الأميركي، تعرّضت خلال محاولات تسويقها سابقاً، لنكسات عديدة، وسط رفض دمشق إيّاها، باعتبارها برّرت بشكل أو بآخر الوجود الأميركي غير الشرعي في المناطق النفطية السورية، وربطت انتهاءه بخطوات سياسية محدّدة على الدولة السورية أن تقوم بها. كذلك، قوبلت هذه المبادرة بردود فعل متفاوتة من قِبَل الدول الداعمة للمعارضة السورية، ليتراجع الاهتمام شيئاً فشيئاً بخطّة بيدرسون، لا سيما مع تسارُع التطوّرات الإقليمية والدولية، وعلى رأسها جهود التطبيع بين دمشق وأنقرة، والحرب الروسية في أوكرانيا، والتي أدّت بالمحصلة إلى تجميد مسار «اللجنة الدستورية». على أن اللافت في تحرّكات المبعوث الأممي اليوم، هو محاولتها الاستثمار في مسارات أخرى بعيدة عن المسار الذي ترعاه المنظّمة الدولية. وفي هذا الإطار، يبدو بيدرسون متفائلاً بإمكانية أن يوفّر التقارب السوري – التركي أرضيّة يمكنه البناء عليها، خصوصاً إن أثمر فتْحَ الأبواب أمام عودة اللاجئين والنازحين إلى سوريا، وهو ما بدأت أنقرة التحضير له بالفعل عبر تجهيز معابر عدّة تربط مواقع سيطرة الحكومة السورية بمواقع سيطرة الفصائل المدعومة تركياً في الشمال.
وعلى الرغم من تفاؤل بيدرسون بإمكانية انبعاث مقاربته، تصطدم جهوده الجديدة بمجموعة من المعوّقات، أبرزها عودة النشاط السياسي والعسكري الأميركي في سوريا – بعد فترة جمود طويلة نسبياً -، والذي تحاول من خلاله واشنطن استنبات طريق مضادّ لـ«مسار أستانا». ومن هنا، فإن إصرار الولايات المتحدة، مدفوعةً هذه المرّة باستعار المواجهة الدولية على خلفيّة الحرب في أوكرانيا، على منْع روسيا من تحقيق «نجاح» منفرد يهدّد وجود الأولى أو دورها في الملفّ السوري، خصوصاً بعد تمكّن الثانية من ترسيخ المسار المذكور وتحقيق عدد من الانفراجات من خلاله، سيشكّل عقبة كبرى بوجه المبعوث الأممي. ويُضاف إلى ما تَقدّم أن ثمّة شكوكاً في قدرة بيدرسون على إعادة إطلاق اجتماعات «اللجنة الدستورية»، في حال حلحلة العُقد المرتبطة بمكانها وأجندتها، على رغم أنه يحثّ خُطاه حالياً في هذا الاتّجاه، وهو ما أكّدته مصادر مطّلعة تحدّثت في وقت سابق إلى «الأخبار»، محتملةً التمكّن من تحقيق خرق في هذا الإطار خلال الفترة المقبلة، بعد ثماني جولات سابقة فاشلة لم تخرج بأيّ نتيجة.
الأخبار اللبنانية