Uncategorizedاخترنا لكمعرب وغرب

تفاصيل «طوفان ترامب» لتهجير سكان غزة

بعيداً عن الرفض العربي والعالمي الواسع لمخطط تهجير سكان غزة رغم دفاع الدائرة المقربة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن الفكرة، وتهليل اليمين الإسرائيلي الطامع في عودة المستوطنات إلى القطاع المدمر ثمة وجه آخر لمقترح دونالد ترامب بسيطرة الولايات المتحدة الأمريكية على قطاع غزة.

طوفان ترامب

ومن اللافت، أن المقترح يعيد إلى الواجهة أصوات اليمين الإسرائيلي المتطرف المطالبة بتهجير الفلسطينيين، كما يرى مراقبون أن ترامب بهذه «القنبلة السياسية» شغل كثيراً الرأي العام ووسائل الإعلام الأمريكية، حيث يستغلها فريقه باحترافية عالية لتخفيف الضغط عن زلزال إعادة ترتيب أمريكا بما تشمله من فصل آلاف الموظفين الفيدراليين وتجميد برامج الراعية وترحيل الملايين وغيرها من القرارات الصادمة.

الرفض الشامل

● على الجانب الآخر، فإن الخطة أعادت الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إلى قلب الخطاب الدولي، وأخرج قطاع غزة من فئة «الكارثة الإنسانية» وحوله إلى رمز «الصمود»، خصوصاً في ظل الإجماع العربي الكامل والحازم على رفض هذا المخطط، وما له من تداعيات خطرة على دول الجوار الفلسطيني، والتي عبرت عن معارضتها لهذا المقترح شبه الخيالي.

الخطة التي أطلق عليها ترامب تجملاً «ريفيرا الشرق الأوسط» والمفترض قيامها على أنقاض مدينة غزة المدمرة، لتتحول إلى مكان لقضاء العطلات لكل العالم، يؤكد تقرير لصحيفة هآرتس أنها يمكن أن تتحول إلى كابوس حقيقي، يزيد من حدة الصراع التاريخي الدامي، بالنظر إلى ردات فعل الفلسطينيين الذين ستغتصب أراضيهم منهم أمام أعينهم.

● في حين يتم تسليط الضوء على خطة إخلاء غزة حالياً، فإن مخططاً آخر لا يقل قتامة يلوح في الأفق حيث وعد ترامب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتيناهو، خلال اجتماعهما في البيت الأبيض مؤخراً بالنظر في أمر الضفة الغربية، والذي قد ينتهي إلى إعلان ضمها إلى إسرائيل، بحسب التقرير العبري، ما يعني تلاشي حل الدولتين تماماً، وبالطبع فإن التداعيات غير المحسوبة لمثل هذه القرارات قد تشعل الصراع في المنطقة، وتقضي على كل فرص السلام المحتملة.

● يرى بعض المراقبين، أن الرفض العالمي لمقترح ترامب إضافة إلى معارضة الكونغرس الأمريكي، قد تجبره على تبني مجموعة جديدة من الأولويات، من بينها حل الدولتين، وهو ما قد يؤدي إلى سلام دائم وشامل في المنطقة جميعها، بعكس ما قد يخلفه التهجير القسري للفلسطينيين عن أرضهم، والذي قد يؤدي أيضاً إلى الإطاحة باتفاق السلام الحالي بين إسرائيل وحماس، وعدم إتمام صفقة الرهائن، حيث تجرى مباحثات الجولة الثانية حالياً.

نقطة الضعف الخفية

● ربما لا تكون سيطرة أمريكا على غزة، هي هدف ترامب فقط من هذا المخطط، الذي عرضه بطريقة مقتضبة، حيث أدى ذلك إلى انشغال الرأي العام ووسائل الإعلام الأمريكية بـ«الفكرة الجنونية»، ما خفف الضغط عنه وفريقه الرئاسي أثناء المضي قدماً وبسرعة كبيرة في محاربة ما يسميه «الدولة العميقة»، وتسريح آلاف الموظفين الفدراليين ووقف المساعدات الحكومية وإعادة هيكلة الوزارات السيادية وغيرها من برنامجه الانتخابي الذي أحدث زلزالاً حقيقياً داخل أمريكا.

● يرى تقرير لصحيفة التليغراف البريطانية أن ترامب منذ تنصيبه الشهر الماضي، اتبع نصيحة مستشاره السابق، ستيف بانون، إلى أقصى حد، ففي عام 2019، قال بانون إن «المعارضة في أمريكا تتمثل في وسائل الإعلام. ولا يمكن لها إلا التركيز على شيء واحد في كل مرة»، وأضاف: «كل ما علينا فعله هو إغراق وسائل الإعلام.. كل يوم نضربهم بثلاثة أشياء مثلاً، سوف يركزون على أحدها، بينما تنجز الإدارة كل مخططاتها».

● بينما اعتمد ترامب في ولايته الأولى على إدارة من الشخصيات ذات الخبرة، الذين اختلف الكثير منهم مع تحركاته الأكثر غرابة، فإنه حالياً يعتمد على الأكثر ولاء، ويُنسب الفضل إلى ستيفن ميلر، نائب كبير موظفي البيت الأبيض، البالغ من العمر 39 عاماً، في عدم نضوب خط الأخبار المتدفق على مدار الساعة من البيت الأبيض.

● من الملاحظ تدفق قائمة من القصص غير الكاملة، والتي قد تخلق في أوقات أخرى أياماً من احتجاجات الديمقراطيين والتغطية الإعلامية، ومنها على سبيل المثال، إغلاق الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وتجميد المنح الفيدرالية، وتمكين الملياردير إيلون موسك من إجراء تدقيق قانوني لـ 6 تريليونات دولار في الإنفاق الحكومي، وإطلاق سراح مثيري الشغب في 6 يناير، والتهديد بغزو غرينلاند، فضلاً عن أزمة قناة بنما، والإعلان عن التعريفات الجمركية ثم تأجيل بعضها، وإرسال الآلاف من القوات الأمريكية لحراسة الحدود الجنوبية وطرد المهاجرين غير الشرعيين.

● حتى في ملف غزة، فقد طرح السيطرة الأمريكية بطريقة غير واضحة، ثم في الساعات التالية وأمام الرفض العارم، خرج مجدداً بالقول إنه لم يتعهد بإرسال قوات أمريكية إلى غزة، ثم قال البيت الأبيض إن تهجير أهالي القطاع قد يكون مؤقتاً.

يعد هذا الطوفان المتدفق من ترامب والبيت الأبيض، مرهقاً للشارع الأمريكي والرأي العالم ووسائل الإعلام، فما إن تحاول التعامل مع ملف والتعليق عليه، تجد صدمة أخرى مفاجئة، ومن ثم تظهر الردود المعارضة وكأنها حطام يتطاير في لمح البصر.

● يؤكد عدد من المراقبين أن النظرة الساخرة لاقتراح ترامب بشأن غزة من شأنها أن تجعله بمثابة «قطعة ثمينة» يتم دفعها أمام وسائل الإعلام حتى يتمكن من الاستمرار في تنفيذ خططه بشأن الوضع الداخلي في أمريكا. خصوصاً أنه من المؤكد أن بعض الإجراءات التي وافق عليها ترامب ومن بينها «شراء» عقود القوى العاملة بأكملها في وكالة المخابرات المركزية، ستواجه صعوبة في عرضها على الرأي العام الأمريكي.

اقرأ أيضا:تناقضات أميركية حيال سوريا: ترامب لا «يفضّل» الإرهابيين

● يقول عزرا كلاين، في صحيفة نيويورك تايمز، إن ترامب يحكم إلى حد كبير من خلال الإجراءات التنفيذية، متجنباً الكونغرس، وإن سيل الأحداث يخفي نقطة ضعف يمكن كشفها من خلال سلسلة من أحكام القضاء. وبحلول ذلك الوقت سيكون ترامب قد حول أمريكا إلى حالة مختلفة تماماً عن تلك التي تولى السلطة فيها. ويؤكد عزرا أن «غزة قد لا ترى برج ترامب أبداً، ولكن الولايات المتحدة يجري إعادة تشكيل صورتها بسرعة مذهلة».

الفكرة المحرمة

● مقترح ترامب ألقى بثقله داخل إسرائيل، بنفس القدر الذي فعله بين أهالي غزة، ولكن كما حذر العديد من الدبلوماسيين والمنظمات الدولية فإن تداعياته الخطرة قد تؤدي إلى إراقة مزيد من الدماء، إذ أعاد إحياء أحد الملفات المسكوت عنها في الشارع الإسرائيلي باعتباره فكرة يمكن تحقيقها.

● بعيداً عن اليمين الإسرائيلي، الذي اعتبر خطة ترامب تتجاوز حتى طموحات قادته، حيث تتضمن التهجير الكامل لسكان القطاع وليس أغلبيته، كما كانت تدعو بعض الأصوات مثل الوزير إيتامار بن غفير.

ويعد تهجير الفلسطينيين من غزة، والذي تصفه الأمم المتحدة بأنه يرقى إلى مستوى التطهير العرقي وغير القانوني وفقاً للقانون الدولي، له تاريخ طويل كخط أحمر في الخطاب السياسي السائد لسنوات عديدة في إسرائيل. وفي نهاية المطاف، تم حظر مجموعتين سياسيتين إسرائيليتين متطرفتين روجتا لهذه الفكرة في منتصف التسعينات، ولكن ترامب كسر هذا الحاجز ببساطة.

● يؤكد مراقبون سياسيون أن هذا التحول المفاجئ يضعف آمال التوصل إلى إنهاء الصراع في الشرق الأوسط من خلال حل الدولتين، كما يرفع حد المخاطر الأمنية وعدم الاستقرار التي قد تصاحب نقل السكان إلى دول الجوار، التي ترفض تماماً المضي قدماً في هذا المخطط.

● يقول أرنون ديجاني، الباحث في الجامعة العبرية بالقدس في إشارة إلى خطة ترامب: «بمجرد ذكر ذلك، فهو يعمم فكرة مسكوت عنها في إسرائيل، وبالفعل بدأ أولئك الذين لم يفكروا في الأمر على محمل الجد من قبل، في رؤيتها كخيار واقعي».

● كان يُنظر إلى اتفاقيات أوسلو بين إسرائيل والفلسطينيين، الموقعة في عام 1993، على أنها عملية من شأنها أن تؤدي في نهاية المطاف إلى إنشاء دولة فلسطينية مستقلة في الضفة الغربية وغزة وعاصمتها القدس الشرقية، إلى جانب دولة إسرائيل، لكن المقترح يزيد صعوبة هذا الحل.

مقترح كاهانا

● استحضرت خطة ترامب مقترح الحاخام الإسرائيلي الراحل مائير كاهانا، الذي كان يروج لتهجير فلسطينيي الداخل من أراضيهم إلى دول عربية، لكن يؤكد شاؤول ماجد، الذي يدرس اليهودية الحديثة في كلية اللاهوت بجامعة هارفارد إن «خطة الترانسفير التي طرحها كهانا، كانت مرفوضة في الثقافة السياسية الإسرائيلية، باستثناء أتباعه وبعض الأشخاص الآخرين في أقصى اليمين».

اقرأ أيضا: هذه خطة ترامب “لتطهير” غزة

واغتيل كاهانا على يد مسلح في نيويورك عام 1990، لكن فكرته عن الترانسفير وتهجير الفلسطينيين استمرت، وإن كان سراً، بين مؤيدي اليمين المتطرف خاصة في المستوطنات وفي الكتابة على الجدران التي يمكن رصدها في جميع أنحاء إسرائيل خلال التسعينات.

● بعد وقت قصير من توقيع اتفاقيات أوسلو عام 1993، أعلنت إسرائيل أن الفصيلين اللذين خلفا حزب كاهانا منظمتان إرهابيتان. وكان أحد مرشحيها التشريعيين السابقين، باروخ غولدشتاين، قد قتل 29 مصلياً فلسطينياً في هجوم إرهابي في الحرم الإبراهيمي في الخليل، وأصاب 125 آخرين. كما صنفت الولايات المتحدة حزب كاهانا، المسمى كاخ، كمنظمة إرهابية أجنبية في عام 1997، وهي خطوة أكدها وزير الخارجية كولن باول في عام 2003، وأيدتها المحكمة الفيدرالية في عام 2006.

● في السنوات الأخيرة فقط، حظيت أفكار كهانا بمزيد من الاهتمام مع صعود السياسيين المنتمين إلى اليمين المتطرف مثل بن غفير، الذي دخل الحكومة في عام 2021. وكان أدين في عام 2007 بتهمة التحريض على العنصرية. لكن مع صعوده السياسي حظيت أفكاره بمزيد من الاهتمام، وقد صرح لوسائل إعلام عالمية العام الماضي بتأييده نقل الفلسطينيين من غزة.

الخليج

صفحة الفيس بوك: https://www.facebook.com/narampress?locale=ar_AR

Visited 4 times, 1 visit(s) today