دراسات حذرت من الجفاف في سورية منذ عشرات السنين ماذا فعلنا؟
دمشق..
أكد رئيس قسم البحوث البيئية والتخطيط الإقليمي في الهيئة العامة للاستشعار عن بعد الدكتور غياث ضعون أن الجفاف أمر واقع ويجب التعامل معه كحقيقة معاصرة وتطوير الأدوات المناسبة للتكيف معه، والصور الفضائية أظهرت ضعف النمو النباتي عام 2021 في النصف الشرقي من سوريا إضافة لسهل الغاب في حماة وإدلب، وأجزاء من جنوب درعا والسويداء، وهذا يؤكد حقيقة انخفاض إنتاج القمح العام الماضي.
وبيّن ضعون في تصريح خاص لـ “أثر برس” أن فريق العمل في الهيئة يعمل على تحديد نزعات الجفاف وتبيان أسبابها سواء كانت محلية أم عالمية، وتحديد المناطق والجيوب الأكثر تعرضاً بهدف المساعدة في توجيه السياسات الحكومية نحو دعمها وزيادة قدراتها التكيفية.
واعتبر ضعون أن التكيف مع موجات الجفاف يكون من خلال العمل على استعادة التشجير وتغيير نوع الغطاء الحراجي، وإجراء تغييرات جذرية في أنواع المحاصيل المعتمدة والعمل أيضاً على إعادة النظر في السياسات الزراعية من ناحية التركيز على المحاصيل الاستراتيجية الشتوية والتقنين في الزراعات المستنفذة للمياه أو تلك ضعيفة المقاومة للتغيرات المناخية، ويجب الانتباه جيدا عندما نصدر كمية من المحاصيل نقوم ببيع الدول المستوردة كم هائل من المياه اللازمة لإنتاجها وهذا غير منطقي في ظروفنا الحالية.
ومن الناحية المائية دعا ضعون إلى تحسين إدارة المياه من ناحية الاستفادة من كل قطرة مياه تصرف من المناطق السكنية أو الصناعية من خلال تطوير الخطة الوطنية المكانية لمعالجة مياه الصرف الصحي، وأن نتجه للاستفادة منها محلياً من خلال المحطات الصغيرة، وإعادة النظر في سياسة حصاد المياه من ناحية الدراسة الجيدة لتوزع السدات الصغيرة بحيث لا تتأثر الدورة الطبيعية للمياه ولا يتم حرمان المناطق المجاورة من المياه، بمعنى آخر يجب أن تكون أكثر عدالة.
وحول التنبؤ الأول لموسم الجفاف الذي سيحل على سوريا بيّن رئيس قسم البحوث البيئية والتخطيط الإقليمي في الهيئة العامة للاستشعار عن بعد، أنه عند دراسة الهطولات الموسمية المسجلة في وزارة الزراعة بين عامي 1992 و2018 ظهر لدينا حادثة احتباس مطري شديدة في عام 1999 شملت الثلثين الجنوبيين من الأراضي السورية، حيث وصلت إلى حدود مناطق الاستقرار الزراعي الأولى في الجنوب الشرقي من الساحل.
وأشار ضعون إلى أن الشح في الأمطار بدأ يظهر بشكل متواتر أكبر منذ عام 2018 حيث شمل أغلب مساحة سوريا باستثناء الساحل، وجاء الجفاف المطري أكثر شدة وشمولية عام 2010 و2013، بينما ضرب بشدة عام 2014 في أغلب مناطق الاستقرار الزراعي الأولى والثانية والثالثة والرابعة، وعاد الانحباس المطري للظهور في الساحل السوري عام 2016، وكذلك في سهول حلب عام 2017.
وفي عام 2018 ظهرت مساحات كبيرة في غرب محافظة حماة وبالتحديد في سهل الغاب إضافة لمساحات مهمة في حوض الفرات تعرضت للجفاف المطري أكثر من 5 مرات، في حين أن أغلب النصف الشمالي من سوريا تعرض لجفاف مطري أكثر من 3 مرات منذ ذلك العام.
وأوضح ضعون أنه عند دراسة استجابة الكتلة الحية النباتية منذ عام 2000 حتى 2021 باستخدام الصور الفضائية الشهرية والتركيز على الموسم الأساسي للزراعات في سوريا المتمثل في أشهر آذار ونيسان وأيار ظهر أن هناك تغطية شاملة شديدة للجفاف عام 2000 لكافة مساحة القطر تقريباً في العام التالي ضرب الجفاف في أغلب مناطق الساحل وكذلك في محور جنوب غرب وسط شمال سوريا من السويداء ودرعا مروراً بسهول حمص وصولاً للضفاف الغربية للفرات غرب الحسكة.
وتابع ضعون في عام 2002 ظهرت آثار الجفاف الشديدة على النباتات في كامل مراعي البادية في مناطق الاستقرار الزراعي الخامسة والرابعة وقسم من الثالثة ومنذ عام 2005 صار الجفاف النباتي أمراً واقعاً، ويضرب جزءاً مهماً من سهول الإنتاج أو المراعي أو يغطي كافة مساحات سوريا، ومنذ ذلك الحين لم تظهر سياسات استجابة استراتيجية فعالة لغياب النظرة الشمولية لامتداده وغياب الدراسات التفصيلية الحديثة والاكتفاء بالاستجابة الآنية من خلال تعويضات صندوق الجفاف في وزارة الزراعة.