زمن التوظيف المفتوح انتهى والبديل طور مهاراتك
في الوقت الذي ينتظر فيه عشرات آلاف العاطلين عن العمل من المهندسين والمؤهلات العلمية الأخرى فرز المهندسين والمسابقات للفوز بوظيفة راتب 100 ألف ليرة شهريا، خرج رئيس مجلس الوزراء خلال دورة مجلس الشعب الاستثنائية لدراسة ومناقشة الواقع الاقتصادي ليقول بكل صراحة لا يمكن أن تجمع الدول بين سياسة التوظيف المفتوحة التي تولد مئات الآلاف من الوظائف في القطاع العام وبين الأجور المُرضية للعاملين في الدولة، وهذا إعلان غير مباشر حول سياسة الحكومة المرتقبة للوظائف.
العاطلون عن العمل ومن يتابع دراساته العليا يبحثون عن أي عمل حتى لو كان لا يليق بمؤهلاتهم العلمية، وبهدف وحيد تحصيل بعض النقود لتأمين مصاريفهم الدراسية والشخصية في ظل الظروف الاقتصادية الخانقة.
المهندس الزراعي وطالب الماجستير قصي درويش قال لـ “سونا نيوز” لا يوجد وظائف في البلد، وأنا أبحث عن عمل في أكثر من مؤسسة، ولا اجد وكوني مضطر لأي عمل فأنا أعمل في شركة مبيعات على استاند في الشارع، وأحيانا أقوم بأعمال العتالة وفي كل تجمع ومعرض للشركات أقوم بتوزيع نسخة من السي في لكن للأسف لم أجد وظيفة وعمل، وفي وقت اضطر للمصروف أعمل في مطعم لجلي الأدوات والصحون.
حال الشاب قصي كما هو حال الصبية سوزان خريجة هندسة مدنية وتنتظر وظيفة الدولة منذ 4 سنوات لكنها لم تستسلم وتنتظر كثيرا كما تقول لـ “سونا نيوز” وأضافت اتبعت عدة دورات محاسبية في برنامج الأمين، واليوم استلمت عمل محاسبة في احدى الشركات، وأعمل على تطوير مهاراتي الإدارية وسجلت في دبلوم قيادة الأعمال الاحترافي وتقدمت إلى عدة شركات ومنظمات دولية بالإضافة إلى تطوير لغتي وكانت المفاجأة أن جميع الشركات الكبيرة التي تقدمت إليها لم تنظر إلى شهادتي الجامعي وتفوقي بمعدل كبير بل كان التركيز على المهارات التي تعلمتها من الدبلوم الاحترافي، ومن اللغة الانكليزية التخصصية التي سألوني عنها وعن مهارات المحاسبة واستخدام البرامج المحاسبية.
وأشارت سوزان إلى أنها اليوم تعمل لدى أكثر من جهة في وقت واحد بعد تنظيم وقتها في استلام محاسبة شركة والتدريب في أحد مراكز التدريب على مهارات استخدام الكمبيوتر للمبتدئين، كما تعمل على الاستفادة من مهارات الدبلوم واعطاء محاضرات عن بعد لطلاب في التصميم وتقنية البيم، وأصبح وقتها لا يسمح لها التفكير في انتظار قرار فرز المهندسين، وهذا لم يأت من فراغ بل من خلال المثابرة واتباع الدورات التدريبية والاستفادة من خبرات المحاضرين العملية في دبلوم قيادة الاعمال الاحترافي.
وقالت رائدة الاعمال أليسار رياض الحمد لـ “سونا نيوز” ليس من السهل البدء بمشروع جديد أو اتخاذ خطوات جريئة لتوسيع مشروعك الحالي لكن الانطلاق السليم يحتاج إلى الخطوة الأولى الصحيحة وهي امتلاك مهارة إدارة المشروع الخاصة، ودراسة الجدوى الاقتصادية بشكل صحيح، وبإشراف مختصين، والبحث عن التمويل المناسب والضمانات الكافية للتمويل، ومن ثم العمل على إدارة المشروع باحترافية وتسويق المنتجات، والالتزام في تسديد الأقساط ودراسة السوق، والوصول إلى الزبائن المحتملين في أقصر طريق وأقل تكلفة.
وأشارت الحمد إلى أن الإجازة الجامعية لا تعلم الخريج جميع هذه المهارات، وهو يحتاج إلى مراكز وخبراء لهم أسمهم وتجربتهم في السوق للتعلم منها وصقل هذه التجربة، والمشاريع لا تدار بالعواطف والرغبات بل تحتاج إلى خبرات خاصة.
ولفتت الحمد إلى أن عدد المتقدمين إلى الوظائف البنكية أو المنظمات الدولية كبيرة جدا لكن من يفوز بالوظيفة هو فقط من لديه الخبرة العملية، ومن لديه التدريب والمعرفة بالوظيفة التي يتقدم اليها والأفضلية تكون لمن لديه شهادات خبرة لكن للأسف حتى اليوم يعتقد خريج الجامعة أن شهادته يمكن أن تجد له عملا براتب مرتفع من دون أن يطور مهاراته كما يحتاج السوق، وهذا هو سبب وجود أعداد كبيرة من العاطلين عن العمل أو الذين يحجمون عن اطلاق مشروعهم الخاص.
وعلى ما يبدو أن رسائل الحكومة للخريجين واضحة، لا يمكن الاستمرار بالتوظيف الاجتماعي وكل خريج يبحث عن عمل بمفرده أو يطلق مشروعه الخاص، لكن السؤال الاهم من أين التمويل؟