اخترنا لكمعرب وغرب

صناعة المرتزقة لا تتعطّل: تركيا تصدّر سوريّين إلى النيجر

تركيا تصدّر سوريّين إلى النيجر .. على نحو مماثل لتجارب سابقة في أذربيجان وأوكرانيا وليبيا، بدأت تركيا جمع وإرسال مجموعات جديدة من المرتزقة السوريين إلى النيجر، الدولة الأفريقية التي تخوض صراعاً جديداً في ظل تراجع السيطرة الفرنسية في القارة السمراء، وانقلاب المزاج ضد الولايات المتحدة وتوسع الدور الروسي. وتجري عمليات حشد هذه المجموعات بالطريقة نفسها، وذلك عبر شركة «سادات» الأمنية وجماعات مسلحة تنشط في ريف حلب الشمالي، أبرزها «فرقة السلطان مراد»، التي يتم تجهيزها وإرسالها بطرق غامضة نحو أفريقيا، انطلاقاً من كلّس، المدينة التي يجري فيها سحب جميع الهواتف النقالة من أيدي المقاتلين لمنع تتبّعهم، ما يعني انقطاع الاتصال بينهم وبين ذويهم، إلى أن يتمكنوا من الحصول على هواتف جديدة في النيجر.

تركيا تصدّر سوريّين إلى النيجر

وفي السياق، تقول مصادر سوريّة معارضة، في حديثها إلى «الأخبار»، إن «فرقة السلطان مراد» عمدت الى افتتاح مكتب خاص لتسجيل أسماء الراغبين في السفر إلى النيجر والقتال مقابل رواتب شهرية تصل في أفضل أحوالها إلى نحو 1500 دولار، إلى جانب تعهدات بتعويضات «مجزية» تدفع لذوي المقاتلين في حال قتلوا أو تعرّضوا لإصابات بالغة، علماً أن التعهدات التي قدّمت خلال عمليات سابقة لم يتم الوفاء بها. وإلى جانب مكتب تجنيد المرتزقة في ريف حلب الشمالي، تفيد المصادر بأن نشاط «سادات» يشمل أيضاً إدلب، حيث «يقوم وسطاء بجمع مقاتلين مقابل رسوم محددة عن كل مقاتل، بغضّ النظر عن عمره أو مدى خبرته في التعامل مع السلاح»؛ إذ لا تطلب الشركة ممّن يرغب في القتال تحت إمرتها أيّ وثائق، باستثناء وثيقة تثبت اسمه ونسبه بهدف استكمال عمليات التسجيل، لأسباب تتعلق بالميزانية التي تمّ رصدها والرواتب التي من المفترض دفعها.

الراتب 1500$

وتشير المصادر إلى أن نشاط شركة «سادات» يبدو سهلاً للغاية في مناطق سيطرة الفصائل المسلحة لأسباب عديدة، أولها وجود نفوذ كبير لها عن طريق الفصائل المرتبطة بها، إلى جانب الأوضاع المعيشية والأمنية السيئة جداً، الأمر الذي يدفع كثيراً من الشبان إلى المضيّ نحو هذا الطريق أملاً بالحصول على رواتب تحسّن مستوى معيشتهم، وخصوصاً بالنسبة إلى القاطنين في المخيمات البدائية المنتشرة على الشريط الحدودي. وزادت حالة تلك المخيمات سوءاً أخيراً، بعد تراجع منظمات عديدة عن تقديم الدعم لساكنيها بسبب نقص التمويل المستمر، والناجم عن انشغال الولايات المتحدة وحلفائها (أبرز المانحين لبرامج الأمم المتحدة) بتقديم الدعم لأوكرانيا في حربها مع روسيا، وإسرائيل في حرب الإبادة التي تشنها ضد الفلسطينيين في غزة.

جمع المرتزقة وإرسالهم إلى النيجر

وعلى الرغم من إنجاز عمليات جمع المرتزقة وإرسالهم إلى النيجر، بشكل علني، لا يزال الكثير من الغموض يلفّ تفاصيل هذه العمليات والغايات منها، في ظل الصراع السياسي والعسكري المستعر في النيجر، التي تنتشر فيها جماعات متشددة تقوم بشن هجمات متواترة على قوات الجيش النيجيري، فيما تستعد القوات الأميركية للانسحاب منها لتحلّ مكانها قوات روسيّة قدمت إلى البلاد خلال الشهرين الماضيين. وبعدما نشرت وسائل إعلام نيجرية، في شباط الماضي، أنباء عن وجود خطط لإنشاء قاعدة عسكرية تركية جديدة في البلاد، إثر زيارة قام بها رئيس وزراء النيجر، علي الأمين الزين، لأنقرة حيث التقى الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، وفي ظل حديث مستمر عن توقيع عقود بين الجانبين لشراء مسيّرات تركية في إطار «تحالف الساحل الأفريقي» الذي يضم مالي والنيجر وبوركينا فاسو، بدأت عمليات جمع وتجيهز دفعات من المرتزقة السوريين وإرسالهم إلى النيجر.

والجدير ذكره، هنا، أن هؤلاء المرتزقة يتطلبون تكاليف مالية متدنّية، مقارنة بالقوات التركية أو الأتراك الذين يعملون في الشركات الأمنية، بالإضافة إلى أن الاعتماد عليهم يتيح تلافي أي ضغوط داخلية في حال سقوط قتلى أو مصابين، وخصوصاً في ظل تراجع شعبية «حزب العدالة والتنمية» الحاكم في السنوات الماضية.

أيضاً، تربط المصادر المعارضة بين الرغبة التركية في تخفيف المخاطر قرب شريطها الحدودي الجنوبي (مع سوريا) وعمليات إرسال المرتزقة؛ إذ تمثّل هذه العمليات، والتي تنفذها شركات أمنية بشكل غير رسمي، سبيلاً من سبل التخلّص المستمر من المسلحين في هذه المنطقة، وفتحاً لأبواب تهريبهم نحو جبهات بعيدة، بالإضافة إلى ربط مصالح هؤلاء بالمصالح التركية. وفي هذا الإطار، تشير المصادر إلى مفارقة غريبة؛ فالمقاتلون الذين يتم جمعهم من ريف حلب، قاتلوا وما زالوا يقاتلون بين وقت وآخر القوات الروسية التي يعدّونها «عدواً» لهم في سوريا، في وقت سينضمّ فيه هؤلاء إلى الحلف الروسي – التركي في أفريقيا، ما يعني أنهم سيقاتلون إلى جانب الروس.

صفحة الفيس بوك:https://www.facebook.com/narampress

Visited 20 times, 1 visit(s) today