عام على الزلزال: القهر يتراكم والمشهد قاتم
لا يزال المشهد، بعد عام على الزلزال للزلزال المدمّر الذي ضرب تركيا وأربع محافظات سورية في السادس من شباط 2023، قاتماً، في ظلّ وجود عشرات آلاف النازحين الذين أضحوا بلا مأوى.
ويترافق ذلك مع التراجع المستمرّ في دعم المنظمات الأممية، فضلاً عن الضبابية لجهة التقديرات الحقيقية لحجم الكارثة، في غياب أرقام دقيقة، والحديث عن آلاف الضحايا والمفقودين من اللاجئين السوريين في تركيا.
الحديث عن آلاف الضحايا
وأثّرت «العاصفة الزلزالية» التي استمرّت على مدى أشهر عدّة، في نحو 8.8 ملايين سوري، وراح ضحيتها 5550 قتيلاً، ونحو 12 ألف جريح، داخل سوريا، فيما يمكن تقسيم المناطق المتضرّرة إلى اثنتَين، تشمل الأولى محافظات: حلب، اللاذقية وحماة، أمّا الثانية في شمال غرب البلاد، حيث تتقاسم الفصائل السيطرة، فتضم: إدلب التي تسيطر عليها «هيئة تحرير الشام»، وريف حلب الذي يخضع لسيطرة فصائل متناحرة عديدة.
اقرأ أيضا:بعد مضي عام على كارثة الزلزال أي السكن البديل؟
وفي كلتا المنطقتَين، تُظهِر الأرقام التقريبية لأضرار الزلزال أنه تسبّب في دمار أكثر من 2500 بناء، بالإضافة إلى تضرُّر أكثر من 10 آلاف مبنى لم تعُد صالحة للسكن، وآلاف المباني التي تعرّضت لأضرار جزئية.
وفي وقت يبدو فيه المشهد في مناطق سيطرة الحكومة السورية أكثر تنظيماً، إثر إقامة بعض المشاريع، بدعم إماراتي ومشاركة صينية، لإيواء نسبة من متضرّري الزلزال في اللاذقية، وأخرى بدعم عراقي في حلب، يعيش المتضرّرون السوريون في شمال غربي البلاد أوضاعاً مأساوية، سواء بسبب استمرار صراع الفصائل وتضارب مشاريعها، أو على خلفية النقص المتزايد في الدعم «الأممي»، بعد إعلان برامج عديدة وقف أنشطتها، وآخرها «برنامج الأغذية العالمي» التابع للأمم المتحدة.
90 بالمئة تحت خط الفقر
ولمناسبة الذكرى السنوية الأولى لوقوع الزلزال، ذكرت «مفوّضية اللاجئين» أن «نحو 90% من السكان يعيشون في حالة من الفقر، فيما يعاني 12.9 مليون مشاكل انعدام الأمن الغذائي، إضافةً إلى وجود 7.2 ملايين من النازحين داخلياً».
وتابعت، في بيان، أنه «في ظلّ مواجهة أزمات متعدّدة الأوجه، يحتاج 16.7 مليون شخص إلى المساعدة، وهو ما يمثّل ارتفاعاً من 15.3 مليوناً في العام الماضي»، مشيرة إلى أنه «في منطقة شمال غربي سوريا وحدها، لا يزال هناك أكثر من 40 ألف شخص نازح جرّاء الزلزال، يقيمون في 70 مركز استقبال مؤقتاً».
أمّا في تركيا، حيث لا يزال مئات السوريين ينتظرون معرفة مصير أقربائهم الذين قضوا في الزلزال، فتبدو سلطات هذا البلد منشغلة بمواطنيها الذين تأثروا بكارثة السادس من شباط، ما يزيد أوضاع اللاجئين السوريين البالغ عددهم نحو 3.4 ملايين لاجئ (1.75 مليون يعيشون في المناطق التي تأثّرت بالزلزال)، قتامةً.
تزايدت الاحتياجات الماسّة
ويحصل ذلك في موازاة تراكم الأزمات، بدءاً من ارتفاع الأعمال العدائية الناجمة عن العنصرية، والتي تغذّيها الصراعات السياسية التركية، وليس انتهاءً بتراجع تمويل برامج مساعدة اللاجئين. وفي هذا الإطار، أفادت «مفوضية اللاجئين» بأنه «قبل وقوع الزلازل، كان هناك 90% من اللاجئين في تركيا غير قادرين على تغطية احتياجاتهم الأساسية».
اقرأ أيضا:الزلزال ينسف مهنة البطنجي
والآن، «في أعقاب ذلك، فقد تزايدت الاحتياجات الماسّة المتعلّقة بالسكن والمرافق الأساسية والمأوى والكهرباء والرعاية الصحية والاتصالات»، كما أضافت، متابعة أنه «مع انخفاض التمويل وارتفاع الاحتياجات، يلجأ العديد من اللاجئين إلى اتباع طرق مختلفة لتدبّر أمورهم المعيشية، مثل خفض مستوى الإنفاق على الغذاء وزيادة الاقتراض».
والجدير ذكره هنا، أنه خلافاً لِما كان يُنتظر من زيادة في حجم المساعدات للمتضرّرين في شمال غربي سوريا، بعدما رفضت «هيئة تحرير الشام» إدخال مساعدات حكومية سورية عبر خطوط التماس، ووافقت دمشق على إدخالها عبر الحدود (من تركيا)، متجاوزةً محاولات واشنطن استثمار ملفّ المساعدات، تنخفض كمية المواد الإغاثية بشكل مستمرّ.
الاستجابة ضعيفة
ولم تتجاوز الاستجابة الإنسانية الـ50%، وفقاً لفريق «منسّقي الاستجابة»، الذي ذكر، في تقرير، أن عدد الشاحنات التي دخلت عبر المعابر الحدودية، سجّل، منذ زلزال السادس من شباط وحتى مطلع الشهر الجاري، 8843 شاحنة، تشكّل المساعدات الأممية منها 56.35%، أي ما يعادل 4983 شاحنة فقط. على أنه إلى جانب الآثار المباشرة للزلزال، تعرّض ملايين السوريين لآثار غير مباشرة، بدءاً من الضرر الكبير في القطاعات الاقتصادية المنهكة أصلاً، وليس انتهاءً بالتضخّم الذي انخفضت معه قيمة الليرة السورية إلى مستويات غير مسبوقة، بتسجيلها نحو 14 ألف ليرة سورية أمام الدولار في السوق السوداء، ما أدّى بدوره إلى مضاعفة تكاليف المعيشة.
وهكذا، غدت الصورة الحالية، بعد عام من وقوع الزلزال، الذي قدّر «البنك الدولي» أضراره بنحو 5.1 مليارات دولار، أكثر قتامة، وسط تراكم الظروف التي خلقتها الحرب المستمرة، وحالة الحصار الاقتصادي المفروضة على البلاد، والتي تضاعف من حالة القهر.
الأخبار
صفحة الفيس بوك:https://www.facebook.com/narampress/