عن المجرور والعلكة و” ثقة القيادة” .
دمشق..
كتب الزميل محمد عيد على صفحته الشخصية على الفيس بوك .. قُتلت المهندسة ندى داوود على نحو لم يتخيله أحد في الألفية الثالثة، وكانت المفارقة الأليمة أن ملامح هذا الوجه الهادئ الجميل لم تعرف طريقها إلى قلوب السوريين إلا من خلال فتحة مجرور.
وخلافاً للكثيرين فإنني لن أطالب باستقالة الحكومة ولا إقالة المسؤولين في اللاذقية على اختلاف وتدرج خطاياهم كل من موقعه بحق هذه المحافظة المنكوبة والعائلة المفجوعة بفلذة كبدها.
والسر في ذلك أنني لن أضمن بحال من الأحوال أن تأتي حكومة من نوع مختلف، ولا مسؤولين يملكون القدرة والإرادة فضلاً عن الرغبة في عمل شيئ يرتفع بنا قليلا عن قاع مجرور فآلية صنع القرار لم تتغير وبديهي أن تتغير وتبقى السياسات العقيمة نفسها فلا يملك أحد القدرة على إخراج الزير من البير و تجربتنا نحن السوريون مع حكوماتنا المتعاقبة وحتى إلى ما قبل هذه الأزمة تجعلنا نترحم على كل حكومة بائدة حين نلمس المصاىئب التي تلقيها على رؤوسنا الحكومة التي تليها.
اقصى ما أتمناه ويتمناه غيري فيما أحسب أن يوجِد هؤلاء فتحات تهوية في مجرور الوطن الكبير الذي نعيش فيه جميعاً لأنه وبكل صدق فقد ضاقت أنفاسنا لدرجة الاختناق ،وصغرت كراماتنا لحد الهوان ،ولم يعد الخطاب الرسمي ممجوجا وغبيا كما اعتدناه خلال سنوات طويلة، بل بات متبلدا و وقحا ولا يكلف نفسه عناء الاعتذار عن جريمة بحق وطن.
بالأمس كنت أسير مع طفلي سالي وعلي على الرصيف فاقترب منا طفل صغير يريد أن يبيعنا علكة صغيرة بأضعاف ثمنها ،ولأن هذا الطفل و رغم صغر سنه كان ابن هذا الزمن الذي يعرف كيف تؤكل الكتف، اعتذرت منه بكل احترام وانصرفت قبل أن اسمعه يهتف لي بصوت عال:
” الله يبعتلك سفرة على دبي”
استوقفتني الدعوة ، وتملكني الاغراء الذي تنطوي عليه كلماتها ، ورغم أن ليلة القدر لم تأت بعد ،بدا الطفل المتخابث بارعاً في مداعبة خيالي وتحفيزي على اعطائه مقابلا ماديا لها علها تصبح حقيقة في يوم من الأيام سيما وأنها جرت على لسان طفل صغير ينبغي أن لا توصد أبواب السماء دونه .
بالنسبة لي كانت دعوة الطفل الصغير كافية حتى لو لبست ثوب التذاكي، أما العلكة ذات النكهة اللذيذة فلم أجد ما افعله بها سوى أنني تمنيت أن أهديها لمسؤولي حكومتنا الرشيدة ،فأنا بحق لا زلت اشفق على كل واحد فيهم من العلكة الكريهة التي دسها في فمه منذ أن انهالت عليه تبريكات المنافقين والمتملقين بنيله ” ثقة القيادة” .