غياب الالتزام والانضباط والروح الرياضية سبب تحويل ملاعب كرة القدم السورية إلى حلبات مصارعة
لم يكد السوريون يطوون صفحة عام مليء بالنكد والمآسي ويستقبلون عاماً يأملون ألا يكون أسوأ من الذي ودعوه، ويتوقون أملاً ولكن قلوبهم تخفق خوفاً من أي خبر يقد مضاجعهم، حتى جاءهم من حيث لا يحتسبون خبر مزعج مصدره لعبة كرة قدم بين ناديين سوريين (حيث لم يبق شيء إلا كرة القدم التي قد يهرب لمتابعتها بعض السوريين على أنها التسلية الوحيدة التي يمكن أن تنسيهم ما يعيشونه من آلام جسام).
ما حدث في مباراة كرة القدم بين نادي جبلة ونادي حرجلة ذكرهم بأن الألم والأذى يمكن أن يأتيهم عن أي طريق حتى من لعبة كرة قدم بسيطة تكان من الممكن أن تزرع البسمة على ثغور الكثير من المتابعين. فما جرى في المباراة مؤلم جداً، ويحتاج إلى وقفة تأمل ونظام من قبل الاتحاد الرياضة واتحاد كرة القدم وإدارتي النادي. مايحدث يؤكد أن سوريا وأنديتها الممتازة بعيدة جداً عن دخول عالم الاحتراف وحتى تسجيل الحضور على الساحة الرياضية لعوامل عديدة أهمها هو غياب الالتزام والانضباط والروح الرياضية.
السلوك الذي شهدناه بالأمس ليس الأول الذي تشهده ملاعبنا، وتكرار هكذا إشكالات يعني أن عقوبات اتحاد الكرة لم تكن رادعة، وأن إدارات الأندية لا تقوم بواجبها وأن المشجعين غير مبالين ولا تهمهم أنديتهم، وهذا ما لا يجب أن يكون ولا يجوز التساهل به مطلقاً.
لو استمعنا إلى احد الزملاء المعلقين لكان قد أتحفنا بأن هذا السلوك بعيد عن تصرفات السوريين، وإن كنا نعتقد أن سلوك بعض السوريين في الآونة الاخيرة سلوك مخجل وغريب. صحيح أن الأمر الآن بيد القضاء والتحقيق في إشكال المباراة لا يزال قائماً ولكن يجب ألا نسمح ان تمر هكذا حوادث دونما رادع زاجر يذكر كل الأندية بأن أية هفوة في الاتجاه الخاطيء ستكلف النادي ومحبيه كثيراً. عندها فقط يمكن أن تنضبط مبارياتنا ويمكن أن نرى لا عبينا يركضون وراء الكرة بدل من الركض خلف بعضهم، ويمكننا أن نرى التناغم والالتزام بين جمهوري النادي ليعكس ولو بالإكراه الروح الرياضية التي يجب أن تسود بين الجمهور واللاعبين والكادر الإداري على حد سواء.
بقي أن نذكر هنا أننا كأغلب السوريين لا يهمنا من اقترف الإساءة بقدر ما يهمنا أن الإساءة تمت، وآلمت كل السوريين المحبين التواقين لسماع خبر مفرح مهما كان مصدره. إذ أننا جميعاً في أمس الحاجة إلى تغليب لغة الفرح والبسمة على لغة الإساءة والعنف، فالحب والصفا والمبادرة الطيبة يجب أن تكون في الرياضة والعمل والتواصل و الكلمة الحسنة والتصرف الحكيم واللبق يجب أن يغدو أسلوب حياة ومنهجية تعامل إذ أنه لا يكلف شيئاً وهو في كل الأحيان مربح ويعود على صاحبه بالنفع. تعميم ثقافة الحب والاحترام لا تحتاج إلى قرار حكومة ولا دعم عن طريق البطاقة الذكية كل ما تحتاجه هي قلب كبير وصدر رحب وعلى ما يبدو أننا فقدنا كثيراً منه.