كيف يكون السكن اجتماعي وقسطه الشهري أعلى من راتب الموظف
مع تخصيص المؤسسة العامة للإسكان أكثر من 2000 مكتتب حتى الآن في مشروع السكن الشبابي بالديماس، نشطت تجارة بيع وشراء الدفاتر المخصصة، وخاصة بعد الصدمة التي تلقاها المخصصون بالمساكن حول الدفعات المتوجب دفعها، التي ارتفعت ثلاثة أضعاف عن المخصصين قبل عام، حيث تجاوز ثمن المسكن النهائي الجاهز بنسبة 75 بالمئة، 110 ملايين ليرة سورية في الطوابق فوق الخامس، ما أدى إلى عجز الكثيرين عن الالتزام بتسديد الدفعات المطلوبة.
ويتضح أن سوق العقارات، وخاصة في مشروع الديماس، مفتوح للعرض والطلب، ولا يوجد أي تدخل للمؤسسة لضبط الأسعار، ففي اتصال مع صاحب أحد المكاتب العقارية عن طريق إعلان موجود على موقع «فيسبوك» والذي عرّف عن نفسه باسم (أبو خالد)، قال: إن لديه 10 مساكن مطروحة للبيع في مشروع الديماس بطوابق مختلفة، والعروض كثيرة جداً، موضحاً أن سعر المسكن المخصص بمساحة 90 متراً طابق سابع، 35 مليون ليرة دفعة أولى لدى كتابة العقد، إضافة إلى 700 ألف ليرة تكاليف وكالة عدلية وحكم محكمة، و20 مليون ليرة عليه تسديدها عند الاستلام، وتبقى أقساط بقيمة 60 مليون ليرة على مدى 25 عاماً، أي سيصبح القسط بعد استلام البيت 200 ألف ليرة يتم تقسيطها للإسكان.
وهنا لا بد من طرح السؤال التالي: ما دامت أن القوانين والأنظمة لا تسمح باقتطاع أكثر من 40 بالمئة من رواتب أصحاب الدخل المحدود، وأغلبية هؤلاء رواتبهم لا تتجاوز 150 ألف ليرة سورية، فكيف سيتم تقسيط مساكن بقسط شهري لا يقل من 200 ألف ليرة، ومن ثم توصف هذه المساكن بأنها اجتماعية وموجهة لأصحاب الدخل المحدود؟
وفي تصريح لـ«الوطن»، قال مدير عام المؤسسة العامة للإسكان المهندس مازن اللحام: إن مشروع الديماس هو المرحلة الأخيرة من برنامج السكن الشبابي لدمشق وريفها للمكتتبين، وإن من أهم مهام المؤسسة هو تلبية احتياجات السكن الاجتماعي، حيث يتم تخصيص 70 بالمئة من خططها كمسكن اجتماعي، ويتم التصرف بالمساكن الفائضة عن الالتزامات وفق الطرق المحددة بنظام عملياتها من بيع أو مزاد علني أو غيره.
وحول ارتفاع أسعار المساكن المسلمة في التخصيص الأخير، بين اللحام أن المؤسسة تحدد القيمة التخمينية استناداً إلى مجموعة من الأسس المنصوص عليها في المرسوم التشريعي رقم 26 لعام 2015، مثل قيمة الأرض، وتكلفة المرافق والخدمات، والدراسات الخاصة بالمشروع، وتنفيذ الأعمال والإشراف، والنفقات الأخرى، والنفقات الإدارية، وفوائد التمويل، وأرباح بنسبة 15 بالمئة، كما يحق لمجلس الإدارة إعادة توزيع التكاليف الإجمالية، إلا أن الزيادات الطارئة على أسعار مواد البناء والمحروقات وارتفاع أجور اليد العاملة التي تقوم المؤسسة بصرفها للجهات العامة، أدت إلى تضخم تكلفة المساكن، لكن نظام عمليات المؤسسة حدد تسديد قيمة المساكن بشكل ميسر، حيث تُسدد دفعة نقدية لا تقل عن 10 بالمئة من القيمة التقديرية للمسكن عند الاكتتاب، وتستكمل إلى 30 بالمئة عند التخصيص، مع تقسيط رصيد القيمة المتبقية لمن يرغب لمدة 25 عاماً.
وعن إمكانية الاستفادة من فائض الشقق في تأجيرها لأصحاب الدخل المحدود أو الدخول في سوق الإيجارات لضبط الأسواق، بين اللحام أن أولويات عمل المؤسسة هو تنفيذ التزاماتها، والاستمرار في تنفيذ خططها التطويرية لمصلحة المكتتبين لديها.
وفيما يخص الاستفادة من بعض الخدمات البنكية المطروحة، وخاصة الصيغة المطروحة لدى البنوك الإسلامية لمنح التأجير المنتهي بالتملك، أوضح اللحام أن القوانين الناظمة لعمل المؤسسة تتيح لجميع المكتتبين والمستفيدين من المشاريع الاقتراض من جميع مصادر التمويل العقاري المرخص لها بما فيها المصارف وفقاً للقوانين والأنظمة، وحسب ما يتم الاتفاق عليه بين المؤسسة والجهات المقترضة، وهذا يؤكد أن القوانين تسمح للبنوك الإسلامية بالدخول مع المؤسسة لتنفيذ مشاريع وفق صيغة التأجير المنتهي بالتملك، لكن هذه الصيغة غير مطبقة في سورية على الرغم من وجود ثلاثة بنوك إسلامية، وبنك آخر قيد الانطلاق بالعمل.