لجنة السلم الأهلي تفكر بعقلية الدولة
خاص-
استمتعت اليوم خلال المؤتمر الصحفي الخاص في وزارة الإعلام، والذي كان مخصصًا لعضو اللجنة حسن صوفان. بعد الاستماع إلى حديثه بدقة، سمعت نغمة لم أسمعها من قبل، وهي التفكير بعقلية الدولة والتمسك بهذا النهج. كما طُرح سؤال بسيط أمام الثائرين إلى الانتقام: أمامكم خياران لا ثالث لهما، إما بناء دولة قوية ومتماسكة، أو الذهاب باتجاه الفوضى.
لم أكن أتوقع سماع هذا الحديث، حيث إن عقلية الثأر لا تزال تقاتل بشدة من أجل الانتقام من ضحيتها، دون أن تدرك من هو غريمها. لكن الرد كان واضحًا وصريحًا، وكان المؤتمر في مكانه وتوقيته المناسب لامتصاص غضب الثائرين.
لجنة السلم الأهلي أطلقت سراح بعض الضباط الذين لم تتلطخ أيديهم بالدماء، ومن واجبها الإسراع في تعزيز السلم وإطلاق سراح كل من لا تثبت إدانته، بهدف اتخاذ قرارات تؤمّن استقرارًا نسبيًا للمرحلة المقبلة ومن واجبها أيضا إغلاق ملف السمسرة والواسطات في اطلاق سراح الموقوفين.
لجنة السلم الأهلي
وعلى كل سوري أن يدرك أن المعاناة ستبقى مستمرة ما لم يتم بلسمة الجراح، وإجراء مصالحة شاملة، وجبر الضرر. كما يجب أن يعلم أن “الضحية” تطلق على كل من فقد فقيدًا أو خسر جزءًا من جسده، وهي تشمل كامل الجغرافيا السورية. فالمرأة السورية التي فقدت ثلاثة أو أربعة من أولادها، فقدت ضحايا، ومن حقها الثأر والمطالبة بجبر الضرر.
وإذا اعتبرنا أن هذه السيدة شريكة في بناء الوطن، بغض النظر عن اسمها أو مكانها أو طائفتها أو عرقها أو انتمائها، فهي بالنهاية سيدة سورية وضحيتها سورية، بغض النظر عن الجبهة التي فقدت فيها فقيدها أو الأرض التي قُتل فيها، أو من كان القاتل—سواء كان جنديًا إسرائيليًا، أو سيارة مفخخة طائشة، أو الطيران الروسي، أو عسكريًا تابعًا لأي ميليشيا. الضحية لا تُسَيَّس، ولا تُجَزَّأ.
اقرأ أيضا:لجنة السلم الأهلي في سوريا: بين التحديات والإنجازات
الإشكالية الكبيرة التي تواجه السوريين اليوم هي إعادة تعويم شخصيات متورطة بالدم السوري وغير مقبولة شعبيًا. لكن القيادة في سوريا لديها رؤية مختلفة في إعادة تعويم هذه الأسماء، بغض النظر عن الرفض المطلق لها. بالنهاية، القرار يعود إلى القيادة، التي قالت كلمتها بأنها تريد تعويم هذه الشخصيات لأسبابٍ تتعلق بدورها السابق، ولا ترغب في الطعن بها.
التفكير بعقلية الثأر
في المقابل، تعويم هذه الشخصيات يعني أن التفكير بعقلية الثأر تم مسحه من القاموس السوري، وهذه هي الخطوة الأولى في إعادة بناء الثقة، والمصالحة الوطنية، وقبول الآخر.
اقرأ أيضا: «تقرير أولي» للجنة التحقيق في أحداث الساحل السوري
الشعب السوري المحتقن خلال السنوات الأربع عشرة الماضية مشحون بالعاطفة والغريزة، ويحمل مشاعر الكُره والحقد وعدم قبول الآخر. لكن كلام لجنة السلم الأهلي كان واضحًا، وينم عن البحث والتمحيص، والاستماع لصوت العقل، والرغبة الجامحة في بناء الدولة، وتحمل المسؤولية، والإدراك الفعلي أن محاسبة 800 ألف شخص سوري خدموا في الجيش والشرطة واللجان الشعبية أمر غير ممكن، لا سيما أن مسؤوليات هؤلاء كانت متشعبة وجزئية وغير كاملة.
لجنة السلم الأهلي أكدت أن كبار الضباط والمتورطين سيتم محاسبتهم، وأنها ستسعى لجلب ما يمكن جلبه، وستلاحق كبار التجار المتورطين لاسترجاع ما يمكن استرجاعه من الأموال. وهذه خطوة هامة، لكن الأهم منها هو العمل على جبر الضرر بخطواتٍ سريعة وبعقلية الدولة.
A2Zsyria
صفحة الفيس بوك: https://www.facebook.com/narampress