ماذا يعني أن يكون راتب الوزير 200 ألف ليرة والمحافظ 153 ألف ليرة
دمشق..
لا يختلف السوريون – الذين قلما ما يجتمعوا- على أن المعيشة وصلت إلى حدود قاسية وأن الراتب لم يعد يسد حتى الرمق، وعاجز حتى عن تأمين احتياجات وجبة واحدة متكاملة فقط لأسرة صغيرة لمدة أسبوع كامل. نحن هنا نتكلم عن بعض أصناف الطعام على مادة متواضعة ، ولم نقصد أي مصاريف أخرى كالتنقل أو اللبس أو حتى لا سمح الله ذكر الترفيه أو التطرق إلى لوازم التعليم.
قرأنا منذ بضعة أيام أن السادة الوزراء والمحافظين وكل مسؤولي الصف الأولي في الجهاز التنفيذي للدولة قد نال علاوة على الراتب لتصبح حسب ما تم تناقلها 153 ألف ليرة للمحافظين و 200 ألف ليرة للسادة الوزراء ليتربع فوقهم السيد رئيس مجلس الوزراء براتب وقدره 233 ألف ليرة سوية عداً ونقداً.
من ينظر إلى هذه الأرقام ويفكر بها ولو لبرهة، سيندهش ولن يصدق باعتبار أن أغلب الناس باتت تدرك أن المصروف البسيط وشغف العيش وحياة الكفاف تتطلب أكثر من ذلك بكثير. فكيف لهؤلاء أن يعيشوا على رواتبهم؟ هذا سؤال من حق أي مواطن أن يطرحه أو يتساءل طمعاً في جواب يوضح له معادلة الحياة المعقدة بهذا الرقم البسيط.
كثير منا يعمل أكثر من عمل ليؤمن دخلاً إضافياً، وسؤال قد يخطر على البال، هل المسؤولون من الوزراء مثلاُ يعملون بوظيفة ثانية غير المهمة المكلفين بها؟
هذا السؤال الذي قد يبدو غريباً يحتاج إلى إجابة أو على الأقل توضيح من قبل مسؤولي الصف الأول ممن يعتقد الناس أنهم نظيفي الكف و أنقياء. لا نريد أن نقول بأن مثلاً راتب السيد المحافظ في الحقيقة لا يقبله ابن كثير من المحافظين كمصروف جيب له في الجامعة. ولن نقول بأن الجوال الذي يقتنيه ابن أي وزير يمكن أن يزيد عن راتب أبيه السنوي.
حقيقة نحن نعلم أن الوزراء يعملون كوزراء ولا نعتقد أن لهم عمل آخر يمكن أن يدر عليهم تعويضات تمكنهم من العيش عيش الملوك، أو أقله العيش الكريم الذي يحفظ كرامتهم ويخولهم التركيز على مهامهم والقيام بها على اكمل وجه.
من يفكر ملياً بالأرقام أعلاه، يدرك بأنه حتى ولو كان الوزير من المشهود لهم بالكفاءة والخبرة ونظافة الكف، سيصعب عليهم التركيز في عمل الوزارة لأنهم لا يستطيعون تلبية متطلبات العيش الكريم. ما يتقاضاه المسؤولون من رواتب يدعو للشفقة ولكن أكثر الناس في بلدنا يدركون بأن المسؤول لا يعيش على راتبه وكثير منهم لا يعلم قيمة راتبه إلا بعد إعفائه (إن تم إعفاءه باكراً).
إن كان صحيحاً ما تناولته صفحات التواصل الاجتماعي عن رواتب المسؤولين، فهذا بحد ذاته فضيحة حقيقية لا يمكن أن تفهم على أن كل المحافظين والوزراء يعيشون على رواتبهم وتعويضاتهم وخصوصاً وأن أغلب المهمات في الآونة الأخيرة مهمات داخلية وليست خارجية بالقطع الأجنبي. ثمة حاجة ملحة لإنصاف الوزراء برواتب مليونية تضمن لهم معيشة لائقة، علهم يتفرغوا للتفكير بتحسين أحوال الناس. إن كان الهدف من الرواتب المتواضعة لمسؤولينا هو أن يحس هؤلاء بالمواطن فهذا أمر آخر، ولكن التجارب التي عهدها الناس من الحكومات السابقة تقول بخلاف ذلك.
A2Zsyria