اخترنا لكمحكي الناسعبي بالخرجمش عيب

ماذا يمكن لأعلى راتب موظف حكومي في سوريا أن يشتري ؟

هل سأل أحد المسؤولين نفسه أو تبادر إلى ذهنه سؤال، ماذا يمكن للموظف الذي يملك أعلى راتب في مؤسسته أن يشتري براتبه إن كان محظوظاً وقبضه كاملاً مع تعويضاته السخية؟ للمسؤولين الذين لا يعرفون سنضع بين أيديهم هذه الأسطر.

 

لنفرض أن موظفاً من ملاك الفئة الأولى وليكن على سبيل المثال مهندساً له في الوظيفة العامة 30 عام وبلغ سقف الراتب، ومع الاختصاص وطبيعة العمل وباعتبار أن لا حسميات لديه سيتقاضى راتب لن يتجاوزالـ 75 ألف ليرة سورية إلى جيبه. مع ما نشهده فإن هذا الراتب سيمكنه من شراء 5 كغ من اللحم، أو 6 كغ من الموز الصومالي (نعم أنت تقرأ بشكل صحيح ولا يوجد أي خطأ حسابي أو مطبعي- مع الانتباه إلى أن حرف العطف هو أو وليس واو- إن الراتب بأكمله لأعلى موظف لن يمكنه من شراء أكثر من 6 كغ من الموز الصومالي فقط لا غير-  )  . لمن لا يعرف فإن راتب أغلب المعينين في مهام رسمية  لن تزيد كثيراً عن هذا الرقم إذ أن التعويضات الخاصة بالمنصب والتي يتيحها قانون العاملين ستقتصر على تعويضات اللباس الرسمي وبعض التعويضات لأخرى التي لن تتجاوز قيمتها 50% من الراتب الأساسي. وبالتالي فإن المسؤول تبعاً لقانون العاملين الموحد والتعويضات المتضمنة فيه لن يكون أحسن حالاً من زميله الذي لا يتبوأ مهمة رسمية. هذا معناه أن راتب المسؤول لن يعادل أكثر من غرام ذهب. لم نستطع أن نقارن ماذا يمكن أن يشتري المسؤول براتبه من الخس والبندورة والمواد الغذائية أو التموينية حرصاً على مشاعره الحساسة وتم اختيار الذهب لأن مسؤولينا أكثر من يعرف قيمته فهم بالتأكيد لا يلهثون مثلنا وراء حاجات بسيطة لتأمين احتياجاتهم الأساسية.  لأننا نعلم انهم لا يأكلون مثلنا ولا يتصرفون مثلنا وحتى لا يشبهوننا بشي أبداً.

كل السوريين يعلمون أن راتب المسؤول وتعويضاته التي يتقاضاها مختلفة عن تلك التي يشير إليها قانون العاملين الأساسي، وأن أغلب المسؤولين يتقاضون تعويضات تفوق عشرات أضعاف رواتب زملائهم الذين تخرجوا معهم في الجامعة. طبعا هنا نحن لا نتكلم عن تعويض المهمات الخارجية أبداً وخصوصاً وأن أغلب المسؤولين في أيامنا هذه لا يسافرون وأغلب مهامهم محلية.

ما نود قوله أنه مهما كان راتب المسؤول وأي كان نشاطه  فراتبه كما حدده قانون العاملين الأساسي لا يكفيه إلا لبضعة أيام وبعض المسؤولين لا تكفيهم رواتبهم التي حددها لهم القانون إلا لبعض ساعات وبعضهم الآخر قد لا يدرك كم هي قيمة راتبه  بالأصل ولا يأبه لهذا الأمر.  وحدهم مسؤولونا من يعلم أكثر من غيرهم تقلبات سعر الصرف و كيفية الاستثمار ومضاعفة رأس المال. نحن نأمل أن نصل إلى يوم لا يأخذ المسؤول إلا ما ينص عليه القانون لعل وعسى هذا الموضوع يشعره بمعاناة الناس وحجم الفاقة التي نعاني منها. عندها فقط سيحاول المسؤول بكل ما أوتوا من جهد أن يعملوا على تحسين واقعهم الصعب وبالتالي تغيير حياة الناس. لأنه لن يتاح المواطن حتى يتألم المسؤول وطالما أن المسؤول منفصل عن الواقع وبعيد عن الناس فسيكون الحوار والتواصل بين الناس والمسؤول أشبه بجدل بيظنطي عقيم. كان الله في عون الناس، لا أحد يعلم حقيقة كيف لهم ان يتدبروا نفقات معيشتهم التي تحولت ناراً تلظى، ولا أحد من المعنيين يواسيهم ولو بكلمات ووعود تليق  حقيقة بواقعهم المؤلم.

Visited 16 times, 1 visit(s) today