ماذا ينقصنا لتحظى الكلمة “الطيبة” بالاحترام الرسمي ؟..
أن نكون بالمرتبة 171 من أصل 180 دولة ضمن قائمة حرية الصحافة هو مؤشرٌ واضح على أن الكلمة في بلدنا مازالت موجوعة , وأن منظومتنا الإعلامية ليست بخير .
وبالرغم من اليقين أن غالبية التصنيفات العالمية وبمختلف المجالات لا تستطيع الانفكاك من عباءة وعصا السياسة , وإنها غالباً أداة تستغلها بعض الدول لشيطنة دول وحكومات أخرى , إلا أن وجودنا على ذيل تلك القائمة التي صدرت الأسبوع المنصرم بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة لم يأت من فراغ , وإنما نتيجة أسباب معروفة حتى لعامة الناس .
البعض يرى أن هذا التصنيف غير مُسيس بدليل أن الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين وفرنسا وألمانيا وبريطانيا لم تكن ضمن الـ 40 دولة الأولى , كما أن دول البترول لم تستطع حجز أي ترتيب دون المئة فيما كالمعتاد جاءت في المراكز الاولى كل من النرويج والدنمارك والسويد ولا أعتقد أن أحداًً زار تلك الدول إلا وأكد أنها تستحق ذلك .
ومع اليقين بعدم وجود صحافة حرة بالمطلق أو أعلام محايد أو مثالي .. وفي خضم فوضى المعلومات والتضليل الإعلامي العالمي يتساءل الإعلامي السوري ماذا ينقصنا لتحظى الكلمة الطيبة والمنطقية في بلدنا بالاحترام والتقدير الرسمي ؟ لتحرير الكلمة الاعلامية من خوفها ؟.
بالطبع حرية الكلمة والإعلام التي أعنيها هي غير حرية التحريض لأجل الفوضى والتخريب .. غير حرية الكلام لأجل الابتزاز أو الانتقام أو الوصول الى مكاسب شخصية .. غير حرية الحديث عن الطقس والأزهار والأبراج ووو .
حرية الإعلام المنشودة هي تلك التي تمنحنا الحق في الحصول على المعلومات من أي مصدر ونقلها وتبادلها ونشر الآراء والأفكار المنطقية والبناءة وتبادلها دون قيود , طبعاً مع الأخذ بالاعتبار ضرورة عدم المساس “فعلياَ” بالأمن الوطني أو القومي أو هيبة الدولة أو حرمة الآداب العامة ..
هي تلك التي تضمن مشاركة الناس في قرارات الحكومات وأفعالها .. توفر منبر حقيقي للنقاش بشأن مشاكل البلد وخاصة تلك المتعلقة بالحياة المعيشية والتنمية بكافة أشكالها .. تستهدف مكافحة الفساد وأدواته وتعميق المساءلة بحق من لا يحترمون مصالح وكرامات الناس .. تهتم بزيادة المخزون المعرفي الضروري للخروج من الأزمة والمشاركة الفاعلة في عملية إعادة الإعمار المرتقبة ..
هي حرية تساعد الناس على التواصل مع حكوماتهم وتوفر لهم وسيلة لتوجيه الاهتمام نحو انتهاكات حقوقهم.. تساعد الحكومات على التفهم بصورة أفضل مدى تجاوب الناس مع أعمالها.. تُمكّن الإعلاميين من تناول الأسئلة الصعبة التي يريد البعض تصويرها على أنها خطوطاً حمراء وهي في الحقيقة غير ذلك .. تُمكن من الفصل بين شخصٍ فاسد وبين المؤسسة التي يعمل فيها .. تُمكن الإعلاميين وسائر أبناء البلد من الحديث بصراحة وشفافية عن أسباب الأزمة وكيف يمكن بلسمة جراح مهد الحضارات .. هي حرية تحترم الدستور والقانون وتخاف الله ودعاء المظلومين.
يقول محمد الماغوط ..”إن حرية التعبير والكلام والمعتقد مضمونة لجميع فئات الشعب ويستطيع أي مواطن عربي في أي بلد عربي أن يدخل على مسؤول ويقول ما يشاء ولكن متى يخرج فهذه مسألة أخرى” .
الساعة_25:نضال فضة