“مجنون يحكي وعاقل يسمع” من المستفيد من استيراد القمح؟
دمشق..
من يتابع انشغال وزارة الزراعة بعقد الورشات العلمية وجمع نخبة المهتمين بالعمل الزراعي لتعديل الخطة الزراعية، ومحاولة التستر على الفشل في الوصول إلى الاكتفاء الذاتي من مادة القمح هذا الموسوم، بالرغم من صرف نسبة أكثر من 85 بالمئة من احتياجات الأراضي المخصصة لزراعة القمح بالسماد والمازوت الزراعي، وحرمان المحاصيل الأخرى وانتظار الأمطار في مناطق زراعة البعل، ومن ثم ترك الفلاح يخسر ويترك القمح للرعي كونه لا يمكن حصاده يدرك أن الخطة ليست بخير.
دعونا اليوم نسمع للمجانين أو من يعتبرون أنفسهم من خيرة خبراء الزراعة، ووجهة نظرهم ونقلها لكم بكل أمانة كونه لا مصلحة لهم بالظهور الإعلامي حفاظاً على وظائفهم، ياجماعة من خلال التجربة فإن كل دونم من الزراعات المروية للقمح مع الإشراف الجيد أنتج 1.100 ألف طن من القمح، أي بعملية حسابية بسيطة وإذا اعتبرنا أن الدونم ينتج في الحد الأدنى فقط 600 كيلو غرام من القمح فنحن بحاجة للوصول إلى حاجة سورية من القمح أي إنتاج 1.800 مليون طن من القمح إلى زراعة 300 ألف هكتار من الزراعات المروية لضمان الحصول على حاجتنا من القمح .
يا أصحاب المعالي والسادة لو ركزت الحكومة وقامت باستنفار الزراعة والموارد المائية ودراسة المنتجين من القمح وتوزعهم، وتوزع أراضيهم، واختيار كبار المنتجين من الزراعات المروية والتعاقد معهم، في درعا والسويداء والقنيطرة وحمص وحماه والغاب وريف حلب والمناطق المضمونة بأن الإنتاج سيسلّم للدولة، وتخصيص المياه الخاصة لري المحصول، وتأمين السماد اللازم لهم والإرشاد الزراعي من خلال وضع جيش من المهندسين للإشراف على هذه الحقول، ومنح المحصول الريات الأربعة أو الخمسة التي يحتاجها، ومراقبة عمل المحصول من قبل جيش من المهندسين في الوقاية، ومنح الفلاحين من خلال التعاقد معهم سلف مالية للزراعة، وإلزامهم بتسليم محصولهم للدولة مقابل سعر مقبول للفلاحين، ماذا سيحدث؟.. سنجمع احتياجاتنا من القمح ونعزّز المخازن، وندفع ثمن القمح بالليرة السورية، وسيتوقف نزيف القطع ثمن استيراد القمح، وسنحول المساحات الأخرى في مناطق الاستقرار التي نقوم بزراعتها قمح وانتظار الامطار إلى زراعتها بالشعير أو بالبقوليات من الحمص والعدس مع صرف بعض التعويضات للمتضررين، والنتيجة المتوقعة على الأقل إغلاق ملف استيراد القمح من الخارج .
بكل بساطة ياجماعة إذا كان الإنتاج نصف ما هو متوقع أي إذا أنتج الدونم فقط 600 كيلو غرام بدلاً من إنتاجه اليوم 1.100 ألف كيلو سنضمن حاجة البلد وفي حال زاد الإنتاج سنعزز المخزون وفي كل عام يمكن التوسع بالزراعة المروية حسب الإمكانات وتوفر المياه وسنعمل على ترشيد للموارد المائية التي تعاني من الجفاف، وكون الغلة كبيرة يمكن صرف نسبة للمهندسين لقاء إشرافهم، ونودع هذا التخبط الذي نعاني منه سنوياً، ونحمل الأمطار سبب الفشل في الوصول إلى الإنتاج المؤمل .
وزارة الزراعة اليوم تعمل على الزراعة الأفقية وتوسيع الزراعة في المناطق التي جدوى الإنتاج منها ضعيف أو معدوم وتزرع 1.200 مليون هكتار بالقمح إذا لم تأتي المياه أو في المناطق التي لا نضمن تسليم الفلاحين القمح للدولة ونعمل على إنهاك الفلاحين وتعرضهم للخسارة بدلاً من الاتجاه إلى المحاصيل الأخرى, وفي حال نجحت التجربة في العام التالي اسمح لهؤلاء الفلاحين بالزراعة المروية وباقي الأراضي بالزراعة البعلية أو الاتجاه إلى المحاصيل الأخرى التي لا تقل أهمية عن القمح.
من يسمع لكلام الخبير الزراعي المجنون أعلاه يقتنع ويرى أن خطة التطبيق سهلة جداً لكنه لا يقتنع في مبررات وزارة الزراعة لعدم الوصول إلى الإنتاج الذي يغطي حاجة البلد، وحصاد أقل من ثلث الحاجة على الرغم من حصر توزيع السماد والمازوت الزراعي على القمح وحرمان المحاصيل الأخرى, فخسرنا في القمح وفي صرف مستلزمات الإنتاج على أراضي غير منتجة انتظرت المطر ولم يأت .
على مايبدو أن هذا الملف بحاجة إلى جلسة تأمل وصفنة طويلة وإلى جلسة عصف ذهني في جو من الصفاء وبين الغيورين على مصلحة بلدهم وغير مستفيدين من الاستيراد بالعملة الصعبة .
#الساعة_25