محافظ طرطوس الجديد والمهمة المستحيلة

خاص- A2zsyria
بعد قضاء 8 سنوات في محافظة طرطوس يودع المحامي صفوان أبو سعده المحافظة بمثل ما استقبلها بزيارة مقبرة الشهداء، وبغض النظر عن سلوك المحافظ وحملة العلاقات العامة التي كانت سلوكه في طرطوس دون الاقتراب من الملفات الشائكة، أو محاولة إزعاج كبار رجال الأعمال أو المتنفذين يترك اليوم إرثا ليس سهلا على المحافظ الجديد القادم من محافظة القنيطرة .
ومن هذا الإرث حالة الشللية والمدعومين في المحافظة، حيث تجد من يتمسك بمنصبه بالرغم من مئات الشكاوى عليه، واقتراح مجلس المدينة بعزله، وما زال يتمسك بمنصبه ويقدم الولائم في مطعمه، ومن بحقه أكثر من قرار تفتيشي وما زال مستمرا في عمله، ومن مضى على استلامه منصبه عشرات الأعوام ويرفض المغادرة، ومن تعيينه يخالف شروط التنمية الإدارية في سورية وغيرها الكثير من المخالفات، هل سيكون المحافظ الجديد قادرا على تنظيف هذا الإرث الثقيل .
بالأمس وللصدفة استمعت إلى عدد من الشكاوى على مدير مدرسة في طرطوس وعجز التربية عن عزله كونه مدعوم من قبل مسؤولة رفيعة في المحافظة، وطبعا هذه المشكلات والمنغصات يحتاج المحافظ الجديد إلى سنوات حتى يعرفها أو يقتنع بها، والأهم بالنسبة له هو الأمين على أسراره هل سيقدر على إيجاده، وبعدها ستكون أموره بالسليم، هل سيكون قادرا على ترتيب بيته الداخلي وهذا التحدي الأكبر أمامه.
طرطوس المحافظة التي تضم أكبر نسبة من المتعلمين والمسؤولين، وأكبر نسبة من الفقراء، وأكبر عددا من الشهداء بحاجة إلى من يعمل بضمير لحل المشاكل العالقة في المحافظة والمزمنة، والتي لم يقترب إليها أحدا من المسؤولين السابقين من مشكلة الخبز إلى الواجهة البحرية وبناء الجامعة ، والى الاستثمارات الضائعة، وإلى الزراعة المظلومة، والصناعة الميتة، والسياحة الفقيرة، والخدمات الضائعة، والفساد المستشري في البلديات، والمخالفات الشاهقة، وأزمة النقل الخانقة والكوادر المهمشة.
طرطوس الجريحة لم يسكن فيها سابقا مسؤول واستمر في منصبه كما هو المحافظ السابق، والسبب انه عرف كيف يدير المحافظة بعلاقات لاقيني ولا تطعميني، ولا يقترب من الملفات التي يمكن أن تزعج المتنفذين، وكان فقط ينفذ الأوامر التي كانت تأتيه وينفذها بلطف كما حدث في الرمال الذهبية أكثر من مرة .
في المحصلة محافظ طرطوس اليوم أمام مهمة كبيرة وكبيرة جدا، وأمام ارث استمر لثماني سنوات وتنظيفه صعب جدا، فهل سيكون المحافظ قادرا على تنظيف بيته الداخلي أولا، ومن ثم الانطلاق نحو ترتيب أولويات العمل في المحافظة ثانيا، إنها المهمة الأصعب، وندعو الله أن يكون بعونه لتقديم الأفضل لأبناء طرطوس الذين يستحقون الأفضل .