من ظلم الراتب في القطاع الحكومي إلى ظلم التأمينات في القطاع الخاص
تبحث الشابة نور في احد المصارف الحكومية عن عمل في القطاع الخاص، وتقول لموقع جهينة نيوز إن راتب الدولة لم يعد يكفي ثمن البسة وأحذية نقطعهم خلال وجودنا في العمل، وانا في بداية مسيرتي المهنية ولدي خبرة جيدة في اعمال المحاسبة والتدقيق، واتبعت عدة دورات خارج المصرف بكلفة مالية كبيرة تؤهلني للعمل في أفضل الشركات التجارية الداخلية او بالعمل عن بعد مع الشركات الخارجية، ومع ذلك راتبي في المصرف أقل من 120 الف ليرة وأتقاضى تعويضات مُخجلة .
وتقول نور أنا امام خيارين إما ان أستقيل من العمل أو أطلب إجازة بلا راتب طويلة الامد لسنوات، أو ان أصبح موظفة مرتشية وفاسدة، وأقوم باللف والدوران والتزوير في حال قررت البقاء بالعمل في مؤسسات الدولة، أو أن أستقيل وأعمل في القطاع الخاص كون الرواتب بالنسبة لفئة عملي واختصاصي وخبرتي لا اقل من 800 ألف ليرة سورية يقبضها زملائي في العمل، وعندما تقبض هذا المبلغ تستطيع ان تأكل وتلبس وتحس بقيمة وقتك وجهدك .
وأشارت نور إلى ان الحاجة الكبيرة لدى بعض الموظفين أجبرتهم على العمل معقبي معاملات، والتواصل مع الشركات من أجل تسيير اعماهم مقابل مادي 5 او 10 ألاف ليرة لكل خدمة ، ومنهم من يعمل مثل الأخطبوط ويتجاوز القوانين والانظمة، وأصبح لدى المؤسسات شبكة متكاملة وكل معاملة لها تسعيرة محددة، وبعض العاملين تكون حصته في نهاية العمل حوالي 50 ألف ليرة في اليوم يوزع منها لمن يتعامل معه نسبة أحيانا تصل للنصف، وبالمقابل يؤدون الخدمات للشركات ويتجاهلون الكثير من الاجراءات المتبعة، وطبعا هناك أخطاء كارثية تحدث ولن تظهر إلى العلن حاليا لكن هذا الواقع يجب أن لا يستمر .
ومن ظلم الراتب في القطاع الحكومي إلى ظلم التأمينات في القطاع الخاص، حيث ترك الشاب عقبة عمله الشاق والطويل في احد المعامل الصناعية في مدينة عدرا، وكان راتبه 800 ألف ليرة بينما راتبه المسجل في التأمينات الاجتماعية الذي يحاسب عليه لدى التقاعد بنسبة 75 بالمئة من الراتب هو 87 ألف ليرة، طبعا وهذا ظلم كبير بحق العامل الذي أفنى صحته وشبابه في العمل، وعند التقاعد راتبه لا يكفي ادوية لأبسط مرض مزمن تعرض له من جراء هذا العمل الشاق، وعند مراجعة الجهات المعنية والمحامين عمل الشركة قانوني مسجل بالتأمينات بالحد الادنى، لكن من يراقب التطورات التي حصلت على راتب هذا العامل، وأين التأمينات الاجتماعية من تأمين الحماية الاجتماعية لمن يعمل في القطاع الخاص وخاصة أصحاب المهن الخطيرة والتي تسبب الأمراض المزمنة .
وأين التأمينات الاجتماعية من ضبط عمل الشركات الخاصة أخر موضة تتبعها مع من يود العمل لديها بالتوقيع على ورقة خارجية يتنازل فيها العامل عن التسجيل في التأمينات الخارجية بدلا من موضة توقيع استقالته في الشهر التالي لتوقيع عقد العمل من اجل إخلاء المسؤولية عن العامل في حال تعرض للضرر في المنشاة، أو حتى لا يطالب بحقوقه في التأمينات والراتب التقاعدي.
صحيح ان هناك قانون للعمل الخاص، والزام للشركات لتسجيل عمالها في التأمينات وجولات يومية على الشركات والشركات تدفع مصاريف نثرية ورشاوى ما يعادل تسجيل 3 عمال بالتأمينات سنويا، لكن للأسف هذه المعضلة لم تنحل كما لم تجد الحكومة حلا لتسريب الكفاءات المرعب من المؤسسات الحكومية، وستصل إلى اليوم التي تدفع فيه للخبراء الاجانب بالعملة الصعبة كما كان في سابق الايام، وأبناء البلد يعملون لدى الغير، هل حقا أن هذه المعادلة مستحيلة الحل؟.
جهينة نيوز