هكذا نحوّل المساعدات من تجارة الأرصفة إلى التنمية المستدامة!!!
في الوقت التي تعمل به جميع دول العالم للقضاء على الفقر وإطلاق المبادات الإنسانية لمساعدة الفقراء في إطلاق مشاريعهم الصغيرة، تتحول
المسؤولية الاجتماعية في سورية، التي كانت موغلة في القدم إلى تقديم سلل غذائية ووجبات منها تجد طريقها إلى سلال المهملات لتدني جودتها، ومحتويات السلل تذهب إلى تجار الأرصفة، ومناسبة الحديث ليس التقليل مما يُقدّم, لكن من الطريقة البالية في التقديم التي لا تحمل الجدوى التنموية .
بعضُ رجال الأعمال في سورية قدّموا مبالغ مالية ومساعدات إنسانية بمئات الملايين من الليرات السورية، ومنهم من وزّع أموال نقدية أو سلل مساعدات، وبغض النظر عن الأسلوب في التوزيع لكن السؤال الأهم كيف نُحوّل هذه المساعدات الإنسانية إلى مشاريع تنموية، وبدلا ًمن إطعام الفقير السمك لمرة واحدة, يجب تعليمه ومنحه أدوات الصيد ليأكل متى يشاء ويطعم جيرانه.
فمن الأرقام التي صدرت في الإعلام , توزيع 100 ألف سلة غذائية وقيمة السلة بحدود 100 ألف ليرة في الحد الأدنى، أي بمجموع 10 مليارات ليرة سورية، لوتم توزيع هذا المبلغ على مشاريع تنموية وتم شراء بكاكير أبقار لكان المبلغ اشترى أكثر من 3300 بكيرة، وبعد عام من التوزيع ستنتج كل بكيرة في الحد الأدنى 20 كيلو حليب، أي سيكون لدينا إنتاج 66 طناً من الحليب يومياً ولدينا 3300 ولادة رأس جديد، وفي حال تم توزيع الرؤوس الجديدة على أسر جديدة سنصل بعد فترة ليست قصيرة إلى وجود أكثر من 100 رأس من الأبقار في كل قرية، وكل قرية لديها فائض إنتاج وسيكون لدينا اكتفاء ذاتي وفائض من اللحوم والألبان والأجبان وغيرها، وعندها سنقول أن المشاريع الخيرية تحوّلت إلى مشاريع تنموية مستدامة، أما ما يعمل به اليوم من توزيع سلال المساعدات والشائعات عن توزيع ظروف مساعدات بداخلها أوراق مالية واندفاع الفقراء وبعض التجار خلف هذه المساعدات، والانتقال من جمعية إلى أخرى ومن شائعة إلى أخرى يؤكد أن عمل الخير في سورية اليوم يسير في الطريق الخاطئ، والمساعدات تنحرف من المسار التنموي إلى المسار الاستهلاكي .
مشهدُ الذّل الذي نراه أمام بعض الجمعيات الخيرية لا يسرُّ الخاطر، ومشهد البروظة الذي نراه من توزيع كم سندويشة عند الإفطار لن يغني ولا يشبع الفقراء، ومشهد بيع سلال المساعدات على الأرصفة يجب أن ينتهي إلى غير رجعة، ومنح المساعدات العينية يجب أن يتحول إلى مشاريع تنموية والأمر بسيط جداً .
ومساعدة الفقراء وتنمية مهاراتهم في مجالات شتى وتمويل مشاريعهم الصغيرة ومرافقتهم خلال إطلاقها و تنفيذها على أرض الواقع لكي تساعدهم على النهوض والاعتماد على النفس لإعالة أسرهم وخدمة مجتمعهم أمرٌ بسيط جداً ، فقط عليكم تقديم الأدوات إلى من يرغب بالعمل والإنتاج مقابل رهن ينفذه موظف متنقل ويرفعه بعد إعادة الأمانة، فمن يستلم عنزة شامية عليه أن يُقدّم ابنها، ومن يستلم بقرة عليه أن يتبرع بابنها، وجميع القطيع مُرمّز ومُرقّم , ومن يموت قطيعه يمكن توثيقه وتعويضه، والعمل الجاد في غاية البساطة لمن يود العمل, لكن ياترى هل هناك نية وعزم لتحويل المساعدات الإنسانية من مشاريع سلّة مساعدات إلى مشاريع تنموية وإنتاجية؟ ، وهل نحن بحاجة إلى سنوات حتى ننطلق ونصنع الفرق؟، المشكلة في مكان آخر من يعلم أين هو هذا المكان الذي يمنع حل المشكلة؟.
#الساعة_25