هل تعي الحكومة ماذا يعني زيادة القبول في كليات الصيدلة
على بقعة صغيرة وتوزع سكاني متواضع نسبياً من الجغرافية السورية (الساحل السوري ووادي النصارى) ثمة ما يزيد على 7 كليات طبية تفتح أبوابها أمام طلاب المرحلة الجامعية الأولى لدراسة اختصاص الصيدلة. حيث يوجد ثلاث جامعات عامة وأربع جامعات خاصة, تستقبل كل عام ما يقارب أو يزيد على ال 1500 طالب مما يعني بأن هذه الجامعات ستخج كل عام هذا العدد من الخريجين الحاصلين على درجة الإجازة في الصيدلة, لينطلقوا إلى سوق العمل. لا أعلم إن كانت الحكومة والمعنيين في وزارة التعليم العالي فكروا ولو لوهلة بسيطة بهذه الأرقام وماذا يمكن لهؤلاء الخريجين أن يعملوا بعد تخرجهم. لا أعتقد بأن العمل التجاري والحصول على رخصة مزاولة المهنة يمكن أن تستوعب كل هذه الأعداد وخصوصاً وأن أعداد الصيدليات في مدن مثل طرطوس واللاذقية لا يستهان به. لا أعتقد بأن وزارة التعليم العالي ومن ورائها الحكومة تخبئ للخريجين مفاجآت تتعلق بفرص عمل تليق بهم في المستقبل.
بكل الأحوال هذا الرقم يحتاج إلى لحظة تأمل ويجب على الحكومة ووزارة التعليم ونقابة الصيادلة عدم تجاهله، إذا لا يجب أن نصل إلى مرحلة يكون فيها خريج كلية الصيدلة عاطل عن العمل. الموضوع ليس بسيطاً ويحتاج إلى تعقل لأنه وبحسبة بسيطة يمكن أن يكون لدينا آلاف الخريجين في غضون سنوات قليلة والقول أن رخصة مزاولة المهنة يمكن أن تستوعب هذه الأعداد هو ضرب من الخيال.
تصوروا معنا أن المسافة بين الصيدلية والصيدلية المجاورة الآن في مدينة طرطوس هي 50 متراً، هل يتوقع المعنيون أن يتم تخفيض هذه المسافة لتصبح بضعة أشبار؟ هذا السؤال برسم المعنيين ويحتاج إلى إهتمام كي لا يتحول هذا العدد من الخريجين إلى عبء في المستقبل. القول بأن صناعة الأدوية يمكن أن تستوعب فهذا موضوع أيضاً ليس بهذه البساطة ويحتاج إلى إمكانيات كما أنه لا يتوقع ان تكون اعداد معامل الأدوية بأعداد الأفران المرخصة. بالتأكيد أمر جيد أن ترتقي صناعة الأدوية في سوريا ولكن هل هذا ما تفكر به الحكومة؟ إن كان الأمر كذلك فهذا شي يستحق التقدير والثناء والشكر.
حتى لا تتحول كلية الصيدلة إلى عالة على الكليات الطبية نتيجة غياب فرص العمل، حرصنا على إثارة هذا الموضوع الآن لأن التنبه إليه باكراً يمكن أن يفضي إلى إيجاد حلول أو أقله تجنب حدوث مشكلة في الأيام القادمة، إذا لا أعتقد ان خريجي كلية الصيدلة من الجامعات العامة والخاصة سيفرحون لمجرد حصولهم على الشهادة بدون أن يكون لهم رغبة في العمل والاستفادة من السنوات التي قضوها في دراستهم الجامعية. لا نشك لحظة بأن طموحات الحكومة لا تقف عند حد لدرجة أن الكادر الحكومي يعتقد بأن الخريجين سيكون لهم دو رائد في إيجاد لقاح وادوية لكثير من الامراض المستعصية بما فيها الامراض التي تعاني منها حكومتنا.