“ليتني راقصة” !!..
دمشق..
“ياريتني راقصة” .. “يا ريت يعاملون أراضينا الزراعية معاملة الملاهي الليلية التي لا تنقطع عنها الكهرباء” .. هي كلمات مزارع أرضه تحتضر عطشاً فقرّر “عن قناعة” الاستسلام و دون شروط أمام أولئك الذين يأكلون مع كل ذئب ويبكون مع كل راعي.
هي كلمات مُزارع ستيني أضحكت وأحزنت كل من سمعه أمام مدخل أحد المصارف .. مزارع خنقته “الحماقات” فجاء مُكرهاً يسأل عن طريقة سريعة “للفوز” بقرض يُمكّنه من شراء مجموعة طاقة شمسية لتشغيل مضخة مياه تُوقف موت محصوله وأشجاره .. تُوقف موت ماضيه ومستقبل أولاده .. تُوقف مهزلة على ما يبدو أنها خارج صلاحيات القضاء والقدر.
وهو يتكلم تذكرت مباشرةً حالة مماثلة تقريباً لامرأة غاضبة ارتفع صوتها على درج أحد المؤسسات وهي تقول ” لو أنني ؟؟؟؟ كانت أموري تيسّرت مباشرة ” .. حينها أدركتُ وبالوقائع معنى أن رجلاً بلا أخلاق هو وحش جرى إطلاقه بين الناس .. معنى أن معرفة حقيقة شخص تتطلب وضعه في موقع مسؤولية ثم مراقبة كيف يتصرف .. معنى أن من لا أهداف إيجابية لديهم يجتهدون في تدمير أهداف غيرهم .
من حيث الظاهر يبدو كلام كل من المزارع وتلك الإمرأة فضلاً عن الكثير من القصص المشابه التي نسمعها , جميعها تبدو مُضحكة عابرة لكنها في الجوهر خطيرة للغاية لأنها مؤشر حقيقي فاضح لمستوى الانحطاط الأخلاقي الذي وصلنا إليه .. لأننا مجبرون على التعامل مع أشخاص قذرين باعتبار هذا الصنف يطغى حالياً على مجتمعنا ومؤسساتنا.
الحقيقة المؤسفة التي بات يدركها العقلاء هي أن مجتمعنا أنجز وبنجاح انقلاباً قيمياً وأخلاقياً دمر كل شيء , دمر التربية والتعليم والقضاء ووو.. انقلاب يُمجّد الفاسد القذر الفارغ على حساب المثقف الشريف المبدع.. انقلاب أصبح فيه بعض أصحاب التواقيع و رأس المال سجناء غرائزهم وحساباتهم المصرفية ودفاتر شيكاتهم.
والمؤسف أكثر أن البعض لا يريد الاعتراف بهذه الحقيقية .. حقيقة أن أساس أزمتنا أخلاقي وأن الحل أخلاقي .. أن الأخلاق أولا ثم العلم والكفاءة هي مفاتيح نجاتنا .. أن حالة كحالتنا ليست بحاجة للكثير من العلم والآلات المتطورة بل إلى الكثير من الأخلاق .. أدراك أن أي عملية إصلاح أو إعادة إعمار لا تنطلق من هذه الحقيقة هي فاشلة ميتة في مهدها .. أن أسوأ الأشياء التبجح بفضائل لا نمارسها .. أن تغيير ظروفنا مرهون بتغيير أخلاقنا.
#الساعة_25: نضال فضة