اخترنا لكمتقارير خاصة

هل من المجدي الاعتماد على المنظمات الدولية في تنمية الريف

دمشق..
بهدف تحقيق اقتصاد زراعي متطور من خلال الاستثمار الأمثل والمستدام للموارد الطبيعية والبشرية في الريف تم إحداث المناطق التنموية، ومن ثم المجمعات التنموية، وأخيراً شاهدنا ما يعرف بمبادرة القرى الريفية التنموية النموذجية، لكن السؤال الأهم لماذا لم نشاهد نتائج هذه البرامج والتجمعات والقرى، وماذا نحتاج لتلافي مطبات البرامج التنموية الريفية السابقة والوصول إلى بيئة اقتصادية تنشط بفعالية ملائمة لمحيطها الحيوي، وتشجيع النشاط الزراعي والصناعات الزراعية.

مدير عام هيئة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة إيهاب اسمندر أوضح في تصريح لصحيفة «الوطن» أن نجاح القرى التنموية بحاجة بالدرجة الأولى إلى إرادة حكومية جادة، ومفهوم القرى التنموية واسع وما زالت الفكرة بحاجة إلى الكثير من العمل حتى تصل للهدف المطلوب، وفي جميع البرامج التنموية الإدارة هي العنصر الحاسم في نجاح أو فشل البرنامج، ويجب البحث في إدارة القرى التنموية عن الشخص الذي يمتلك التجربة والخبرة الكافية وموثوق من الناس قدر الإمكان، لكن للأسف مازلنا بعيدين عن هذه الإدارة.

واعتبر اسمندر أن مفهوم القرى التنموية ما يزال في بدايته، صحيح أنه مركب بعض الشيء، وبعض المشروعات الصغيرة تقوم على المبادرة الفردية وصاحب المشروع هو مديره، لكن هذا لا يعني أن مديره يجب أن يترك لوحده، ويجب تقديم العون والدعم والاستشارة للمشاريع ودراسة إمكانية إقامة مشاريع فردية أو على مستوى أكثر من فردي في القرى التنموية والاستفادة من خيرات هذه القرية، ويجب أن تكون جميع المشاريع في القرى تعتمد على المورد الطبيعي والبشري في القرية.

وحول سبب فشل المشاريع في القرى التنموية في سورية بين اسمندر أنه بعد إجراء العديد من الدراسات وجدنا أن التمويل ليس هو العقبة الكبيرة أمام المشاريع بل التسويق هو المشكلة الأساسية، ومعظم المشاريع التي فشلت في سورية هي مشكلتها تسويقية، لافتاً إلى أن تمويل المشروعات يجب أن يكون مدروساً ومعظم المشروعات التي بنيت على جدوى اقتصادية حقيقية كانت مشروعات ناجحة والدراسات لم تثبت طريقة تمويلية واحدة ناجحة لهذا الأمر، ولكل مشروع له خصوصيته ويرتبط بقدرات صاحبه، وبعض المشاريع ليست بحاجة إلى التمويل بل بحاجة إلى استشارات وتسويق وتشغيل وتشبيك مع جهات أخرى وصيغة المشروع والشخص الذي يديره تحدد طريقة التمويل المناسبة، هل هو قرض أو عبر منحة أم مشاركة أم من مصادر مختلفة للتمويل؟ فطبيعة المشروع هي التي تفرض طريقة التمويل.

وحول إمكانية الاستفادة من المنظمات الدولية في إحداث القرى التنموية أوضح اسمندر أن المنظمات الدولية غير مهتمة بالقرى التنموية بل هي تعمل وفق برامج ورؤى خاصة بها مثل مكافحة الفقر وتحسين سبل العيش وعودة الأهالي إلى أراضيها وغيرها، وتركز على جانب معين يهمها هي، ولا تستطيع أن ترسم برنامجاً تنموياً متكاملاً للمنطقة أو على مستوى البلد ككل وحتى انتشارها محدود ويجب التعامل معها على تحقيق النفع العام قدر الإمكان.

والاستفادة من المنظمات الدولية بحسب اسمندر تكون من خلال التقاطع بين المشاريع التي تعمل عليها المنظمات وأهداف القرية التنموية التي يمكن أن تكون حلاً لمشكلات تعمل عليها المنظمات، وهنا يجب أن تقدم القرى التنموية دراسة جدوى اقتصادية وتنموية معللة ومقنعة للمنظمات حتى تتشجع هذه المنظمات وتعمل على اعتماد هذه المشاريع وتقديم الدعم المادي واللوجستي لهذه المشاريع من أجل نجاحها، وهذا التقاطع بين القرية التنموية والبرامج التي تبحث عنها المنظمات للأسف غير موجود حالياً.

وأشار اسمندر إلى أن المنظمات الدولية تقدم تجهيزات وتدريب وطريقة الاستفادة من المنظمات تعتمد على القائمين على المشروع بحد ذاته، وعلى المتعاملين معه وليس من المستحسن أن تترك المنظمات الدولية تعمل بشكل مستقل في هذه الحالة يمكن أن يكون هناك استهداف لمنطقة جغرافية وحتى لأشخاص محددين وهناك حرمان لأشخاص آخرين.

في النهاية ما زلنا ندور في حلقة مفرغة تقول إن المشاريع بحاجة إلى تمويل والتمويل بحاجة إلى مبررات من المنظمات الدولية وإلى دراسات اقتصادية واجتماعية وهي غير متوافرة والمجتمع المحلي ينتظر المنح والحكومة تنتظر مساعدة المنظمات الدولية والزمن يدور والحديث في الإعلام عن خطط ونيات لم يثمر مشاريع وتنمية.

Visited 9 times, 1 visit(s) today