الاحتلال «يشتري» تعاطف الرأي العام الغربي
كشف تقرير نشرته صحيفة «بوليتيكو» الأميركية، قبل أيام عن وضع «وزارة الخارجية الإسرائيلية» 30 إعلاناً تخدم سرديّتها في حربها على قطاع غزّة. الإعلانات وُضعت على منصة X (تويتر سابقاً)، شوهدت أكثر من أربع ملايين مرّة لغاية إعداد التقرير. بما في ذلك مقاطع فيديو مصوّرة لحشد الدعم لأعمالها. بدأت الإعلانات تظهر منذ 12 تشرين الأوّل (أكتوبر) الحالي، وتستهدف بشكل محدد البالغين الذين تزيد أعمارهم عن 25 عاماً في بروكسيل وباريس وميونيخ ولاهاي.
ووفقاً لمعلومات «بوليتيكو»، دفعت إسرائيل بعشرات الإعلانات التي تحتوي على صور وحشية وعنيفة من عملية «طوفان الأقصى» عبر منصات مثل X ويوتيوب، في خطوة تعدّ جزءاً من استراتيجيتها في الدول الغربية الرئيسية لحشد الدعم في حربها ضدّ غزة.
تصوّر الإعلانات الإسرائيلية المدفوعة، حركة «حماس» على أنّها «جماعة إرهابية شريرة» مثل داعش، مع إشارة إلى أنّ «العالم هزم داعش. العالم سيهزم حماس». أما على يوتيوب، فدفعت وزارة الخارجية الإسرائيلية بأكثر من 75 إعلاناً مختلفاً، بما في ذلك بعض الإعلانات المصوّرة. وقد وُجّهت إلى المشاهدين في الدول الغربية، من بينها فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة. وبُثّت بين هجوم حماس الأوّل في 7 تشرين الأوّل (أكتوبر) 2023 وبعده بيومين، وفقاً لبيانات الشفافية الخاصة بغوغل.
وتُفيد الصحيفة الأميركية بأنّ إسرائيل استهدفت أوروبا بشكل كبير عبر الإعلانات لكسب الدعم. وأنّ ما يقرب من 50 إعلان فيديو باللغة الإنكليزية وُجّهت إلى دول الاتحاد الأوروبي، بينما دُفعت ما بين 10 و13 إعلاناً للمشاهدين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. وتلفت في الوقت نفسه إلى أنّ أحد مقاطع الفيديو شوهد أكثر من ثلاثة ملايين مرّة. اللافت وفقاً لـ«بوليتيكو»، أنّ الحملة الإعلانية الإسرائيلية شكّلت «بعض التحديات لشركات التواصل الاجتماعي التي وضعت معايير لنوع المحتوى الذي يمكن نشره على مجموعات البث الخاصة بها». على سبيل المثال، أزالت غوغل نحو 30 إعلاناً تحتوي على صور عنيفة بعدما تواصلت معها «بوليتيكو» للحصول على تعليق حولها. وقالت الشركة إنّها لا تسمح بالإعلانات التي تحتوي على «لغة عنيفة أو صور مروعة».
لكن لا تزال بعض مقاطع الفيديو المصورة متاحة على قناة يوتيوب التابعة لـ «وزارة الخارجية الإسرائيلية» مع بعض التحذيرات، فيما لم تُعرض إعلانات مماثلة على منصات ميتا المختلفة وتيك توك أو لينكد إن. في هذا الخصوص، تنقل «بوليتيكو» عن إيمرسن بروكينغ، العضو البارز في المجلس الأطلسي، قوله إنّ «هذا التكتيك قديم قدم الحرب تقريباً… إثارة الغضب الأخلاقي لبناء الدعم للحرب هي ممارسة قديمة جداً». وأضاف: «لكنّني لا أعتقد أنّها حدثت على وسائل التواصل الاجتماعي بهذه الطريقة من قبل».
عملياً، يعتبر كيان العدو السوشال ميديا منفذاً جديداً يمكّنه من التسلل إلى عقول الشعوب الغربية واستمالتها لتبرير قتل المدنيين في غزة. والشاهد الأكبر على هذا الأسلوب ما حصل في بداية الأسبوع الحالي عندما تحركت إسرائيل بشكل جنوني محاولةً الدفع برواية أنّ حركة الجهاد الإسلامي هي التي قصفت «مستشفى المعمداني» في غزة مخلّفةً أكثر من 500 شهيد. فبركات وفيديوات قديمة وصور معدّلة، ومن ثم تعديل على منشورات سابقة وحذف بعضها، وسط حالة من التخبّط تحاول محو مجزرة شاهدها العالم كلّه في بثٍ مباشر.
الأخبار