إسرائيل تحتل سوريا بصمت
خاص-
تتحرك إسرائيل على الأرض السورية بخطوات مدروسة وطويلة النفس، مستغلة التوترات الإقليمية لإعادة رسم الجغرافيا العسكرية في المنطقة. تقارير إعلامية تكشف عن استحواذ إسرائيل على 145 ميلًا مربعًا داخل ما يُسمى “المنطقة العازلة” جنوب سوريا، مع إقامة تسعة مواقع عسكرية جديدة ودعم تحالفات محلية في المناطق الحدودية تحت ذرائع “حماية الأقليات”، خصوصًا الدروز.
إسرائيل تتبع استراتيجية الاحتلال الهادئ
ما كان يُعتبر سابقًا “خطًا أحمر” أصبح أمرًا واقعًا. إسرائيل لم تعد تكتفي بمراقبة الحدود، بل توغلت لتُعيد بناء هيكلية عسكرية تمتد حتى مشارف دمشق. الأخطر أن هذه التحركات تتم بموازاة صمت تام من الحكومة السورية، التي لم تصدر أي بيانات إدانة أو حتى إشارات عدائية. هذا الصمت يُفسره مراقبون بأنه قد يكون نوعًا من التطبيع الضمني مع الاحتلال الإسرائيلي داخل العمق السوري.
تصاعد الأحداث في الساحل السوري
على الجانب الآخر، يُشغل الإعلام السوري بموجة من الأحداث اليومية في الساحل السوري، التي تصرف الانتباه عن هذه التحركات الإسرائيلية. حالات من الصراعات المحلية والحوادث المتنقلة تسيطر على المشهد، مما يثير تساؤلات حول وجود استراتيجية لإلهاء الرأي العام السوري عن المخطط الأكبر، وسط تراجع في الحديث عن السيادة الوطنية.
ذرائع إسرائيل لتبرير التوسع
تُبرر إسرائيل تحركاتها بذريعة محاربة “الجهاد العالمي” وتأمين الداخل الإسرائيلي بعد هجمات 7 أكتوبر، بالإضافة إلى الترويج لأسباب استباقية مرتبطة بـ”النفوذ التركي” في الشمال. هذه الذرائع تُعيد إلى الأذهان تكتيكات مشابهة استخدمتها إسرائيل خلال الثمانينات في لبنان، حيث اعتمدت استراتيجية التمدد الصامت والعدوان غير المعلن، مع زرع بذور لحروب استنزاف مستقبلية.
مئات الضربات
منذ سقوط النظام السوري السابق، نفذت إسرائيل أكثر من 580 ضربة عسكرية داخل سوريا، استهدفت مواقع عسكرية وأخرى استراتيجية، في إطار سعيها لتقويض النفوذ الإيراني. ومع ذلك، تظل هذه التحركات جزءًا من خطة أوسع للسيطرة التدريجية، بمشاركة مباشرة أو ضمنية من أطراف محلية وإقليمية.
اليوم، إسرائيل تعتمد على الصمت الدولي والإقليمي إلى جانب انشغال الإعلام السوري بالأحداث اليومية، مما يُتيح لها الاستمرار في مشروعها التوسعي دون معارضة تُذكر. هذا الاحتلال الناعم يُعيد تشكيل ملامح المنطقة وسط غياب أي تحرك فعلي يعكس السيادة الوطنية السورية.
اقرأ أيضا:تفاصيل الموقف التركي من سوريا ومن وجود اسرائيل وروسيا
فهل يدرك السوريون أن ما يجري هو إعادة رسم للخريطة بأيدي الآخرين، أم أن الانشغال بمعارك جانبية سيُبقيهم تحت هذا الواقع الجديد؟ الأيام القادمة قد تكشف المزيد عن هذا التحول الخطير.
A2Zsyria
صفحة الفيس بوك:https://www.facebook.com/narampress