“المافيا الإدارية” في سورية تقود المؤسسات الى الهلاك
دمشق..
اعتاد الموظف الحكومي في سوريا أن تقوم الادارة العليا بالتفكير عنه والمطالبة بحقوقه، وتعلم أيضا أن طريق الوصول الى الإدارة هو التملق وتأدية الطاعة، وعندما يصل الى دفة القيادة في مؤسسته يتوقع من مرؤوسيه الانصياع التام له، فلا يسمح لهم بالمشاركة ولا لإبداء آرائهم أوسماع انتقاداتهم، لذا يحاول إقصاء من يشكو أو يعترض ويقرّب من يطيع ويتملق له في هذه الدوامة تنشأ مايعرف بالشللية أو البعض يحبب مصطلح “المافيا الإدارية”.
في وزارة النقل على دور الوزير السابق جاء الى الوزارة ومعه شلته، أما الوزير الحالي نزع الادارة من يده واعطاها الى المعاونين، وعلى بقية الموظفين في الوزارة تدوير مصالحهم لتنسجم مع الادارة السابقة التي كانت قائمة على الشللية، والإدارة الجديدة المغلقة للباب، طبعا من يعمل بمهنية ولديه من الخبرة الكافية وجد في بيئة العمل هذه بيئة طاردة وقاتلة للكفاءات الإدارية، وما عليه الا التوجه الى العمل في القطاع الخاص، او السفر أو التعامل مع الوظيفة العامة من باب عندي دوام وبصمة ومكتبي منصة لعملي خارج الوزارة. (طبعا وزارة النقل مثال بسيط ورد الى ذاكرتي وهو ينطبق على جميع مؤسسات الدولة).
البعض سيعترض على هذا الكلام ويعتبره غير منطقي وان الحكومة لديها وزارة كاملة وشاملة معنية بالتنمية الإدارية، وان الوظائف العليا في سورية تتم عبر الاختبار والرجل المناسب في المكان المناسب، ويرفض رفضا مطلقا لمصطح “الشللية” سنقول لكم هذا هو الواقع وبكل بساطة إن بيئة عمل كهذه لن تكون بيئة مشجعة على الإبداع والانتماء والمشاركة، فقد يتحول المخلص إلى منسحب، والمبدع إلى محبط، والمبادر إلى السلبية، والمتحمس إلى اللامبالاة، وجل ما يفكر به اصحاب الشهامة والمروة الهروب وتغيير الوظيفة وتعزيز هذه البيئة سيكون لها فاتورة باهظة، وسيتم البحث عن الأكفاء والتعاقد مع الأجنبي لإنقاذ الفساد القائم من الشللية بفساد أكبر .
ولمن يشكك بكلماتنا سنقول لكم بكل بساطة ان أي اجتماع لوزير أو مسؤول رفيع مع إداراته 70 بالمئة من الاجتماع مخصص للتملق والثناء بجهود الإدارة، وما تبقى للاستعراض، ومن يفكر خارج الصندوق يتلقى اللعنة الكبرى بإبعاده عن منصبه وبالسرعة الكلية، وقلة قليلة من الإدارات التي تحترم نفسها في سوريا التي قدمت هي استقالتها نتيجة لتجاوزها أو عدم قدرتها على العمل بجو الشللية، ومن يرى أن هذه النسبة كبيرة فليتحفنا بالنسبة الحقيقية .
الموظف الحكومي التقليدي في سوريا الذي عاش وتربى على القمع والحرمان الإداري ومصادرة رأيه سيصل مع التملق وسياسة الانبطاح الى ترديد السمع والطاعة، ولا يناقش أو حتى يتجرأ على الاستفسار من أمر خطة حكومية يقوم على تنفيذها كمسؤول، ولا يفهم المغذى منها أو هدفها القريب والبعيد المهم ياشباب بدنا ننفذ الخطة .
في سورية نشأت جماعات وتكتلات إدارية ترفض التغيير والتطوير في الإجراءات أو السياسات أو استخدام التقنيات الحديثة بهدف الحفاظ على مصالحها وهيبتها ومناصبها في العمل،وخاصة في المؤسسات القائمة على ما يسمى انتخابات، وفي المقابل نشأت مجموعات أخرى تنتقد الإدارة وما يطغى على السطح اليوم مشروع تصفية الحسابات وانتشار الفساد والتزوير، ومن يوقع بشر اعماله تتخلى عنه الشلة وتتلبه قبل الآخرين فيستمر الفساد وتقوى الشلة ويسقط الضعفاء الأقل تملقا.
الشللية مكرسة تماما في النقابات والاتحادات وفي المؤسسات الكبيرة ومفتاح الوصول تأدية الطاعة والعمل ضمن مصالح الشلة بمحاربة أصحاب الفكر والرؤية والمبدعين من خارجها بكل السبل .
والحل الأسلم للتخلص من مرض الشللية التخلص من المتملقين ولاعقي الأحذية الإدارية والاستماع بمحاكمة عقلية وغسل دماغ الموظف الحكومي وتكريس فكرة أن التطوير يبدأ من القاعدة بعكس شطف الدرج الذي يبدأ من الأعلى.
A2Zsyria